العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ

الهوية في عصر العولمة: الفن والاقتصاد

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

تتمتع البحرين بثروة تتجاوز الثروات المعتاد عليها، ثروة بإمكانها أن تحول اقتصادنا من اقتصاد مقلد إلى اقتصاد ذي هوية فريدة، هوية مكونة من تاريخنا العريق ومستندة على قدرات أبناء البلد التي طالما كانت مثالاً للريادة في الإبداع والحس الفني في المنطقة. لا بأس بأن يتكون معظم اقتصاد من قطاعات المصارف، الصناعة، «السياحة» ومطاعم الوجبات السريعة. ولكن في المقابل يتوجب علينا كورثة لتاريخ يمتد لأكثر من 5 آلاف سنة بأن نستغل هذا لتطوير هوية اقتصادية فريدة. ولابد من أن نسأل كيف؟ ولكن قبل هذا، يجب أن نسأل ما هي الهوية اقتصادية؟ ذكرنا للتاريخ والفن ربما ينظر إلى التراث أكثر مما ينظر إلى اقتصاد، ولكن إذا تعمقنا قليلاً وفتحنا عقولنا، سنجد أن اقتصاد والتراث صحبة، مثلما اقتصاد والسياسة صحبة. وإذا ما تعلمنا ممن سبقونا هو أن الفن احترام وسياسة ومجادلة صريحة، مفيد للمجتمع، ونكون قد عززنا من مكانة البلد في زوبعة العولمة. وهذا يتيح لنا أن نقوم بالعطاء للعولمة، بدلاً من مجرد الأخذ.

المستقبل جميل وواعد، كله مبانٍ شاهقة ووظائف شاغرة، ولكن سيكون أجمل، وفخر لأهل البلد، اذ تضمن اقتصاديات متركزة على الفنون. ربما هذا نداء بسيط، لا يغادر صفحات «الوسط»، ولكن يا حبذا لو اهتمت الجهات الحكومية بوضع برامج ومخططات واضحة لتنمية الفنون بأشكالها وأنواعها المختلفة، فنون من الممكن أن تتطور إلى إنتاج اقتصادي، من الكلمة المكتوبة إلى المشاهد المرئية وغيرها من المنتوجات الفنية والثقافية.

ولكن هذه المسئولية لا تقتصر على الجهات الحكومية فقط، بل هي من مسئولية القطاع الخاص أيضاً. بما أن لدينا اقتصاد سوق، لا مركزي ولا «جستابي»، فلا علينا حتى إذا لم تبادر الجهات الرسمية بالاهتمام بالفن. فكما أننا نقوم باختيار أعمالنا، أيضاً لدينا الإمكانية بأن نحتضن أبناء البلد، وندعم المشاريع المضيئة التي تبرز تاريخ بلادنا عبر الفنون الراقية.

وإذا نظرنا للدول المتقدمة، نجد الكثير من المراكز والمؤسسات التي وضعت من قبل أفراد وشركات، تختص بدعم الصناعات الفنية. من المؤسف أن نرى الدول المجاورة تسعى الى وضع نفسها على خريطة الساحة الفنية بشكل كبير، بينما نرى البحريني والمخرج البحريني بالذات يواجه صعوبات في سعيه لتحقيق رؤيته الفنية. هذه الرؤية ربما تكون متواضعة ذات مردود مادي بسيط، الا أنها رؤية تطلب الدعم والمساندة من القطاع العام والخاص لتحقيقها، لكي نقف بكل فخر واعتزاز ونقول إن هذا من ابداع وصنع بلدنا في عالم يغزوه البيغ ماك والكوارتر باوندر.

من المؤلم جداً ألا نستند على ماضينا وتراثنا لنبني مستقبلنا. من دلمون إلى تايلوس، ومن أوال إلى بحرين اليوم، نمتلك تاريخاً عظيماً وحضارة عريقة. لدينا المصارف، لدينا مراكز التأمين ولدينا المشروعات المتكونة من الحديد والاسمنت. ولكن أيضاً لدينا «جلجامش» و«أرض الخلود»، والكوادر الفنية التي تبادر دوماً إلى احتضان هذا التاريخ.

هشام عبدالرحمن خليفة، مستشار أعمال

العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً