«كعادته في كل عيد... خرج المواطن (ميم) من منزله عصر يوم العيد (كاشخاً متعطراً) هو وزوجته وأطفاله... ركبوا السيارة فسألهم أصعب سؤال يواجه الأطفال وأولياء أمورهم: «وين تحبون انروح يا نظر عيني؟»... لم يجد ملامح لإجابة جاهزة لدى الزوجة والأطفال... فهذا هو الحال: إما التجول في الشوارع المزدحمة... وإما التجول في المجمعات التي تضج ازدحاماً... وإما البكاء على الحدائق والمتنزهات التي ما أن أصاب متنزه عذاري السقم، حتى شاركتها تلك الأماكن العامة الحالة الكئيبة».
انقضت إجازة العيد، ليعود سؤال طبيعي... لا برامج ترفيه ولا مهرجانات بمناسبة العيد ولا مسرحيات معقولة السعر ومقبولة المضمون ولا متنزهات ولا حدائق ولا... يفرحون!! فماذا يفعل المواطن البحريني - عادة - في العيد؟
الناس في العيد أجناس... منهم من يهاجر هجرة مؤقتة ليقضي العيد في ضواحي القاهرة أو للتسوق في دبي، وآخرون يفضلون الارتحال لأداء فريضة العمرة.
ومن الناس من يقضي عيده في زيارة أهله وأصدقائه، في التردد على الأسواق وحضور المهرجانات والاحتفالات، في التجوال بين الحدائق والمتنزهات التي تعد على أصابع اليد.
ولبعض الناس عادات وتقاليد اعتادوا عليها وأصبح جزءاً من أيام الأعياد والمناسبات لديهم... فلا يكاد يمر يوم العيد الأول إلا واجتمعت العائلة على قبر الحبيب، يجددون به عهداً.
لكن لنتجول حاملين التهنئة بالعيد، ولنستمع إلى وجهات نظر مختلفة:
يقضي عبدالرزاق عيسى من سكنة مدينة الرفاع أيام العيد في المعايدة على الأهل والأصدقاء... يقول عبدالرزاق يحدث ذلك في الغالب صبيحة يوم العيد... وفي المساء نذهب إلى المتنزهات لنعطي أطفالنا فرصة لقضاء بعض الوقت ليمرحوا ويسرحوا مع بعضهم بعضاً، كما أننا عادة ما نرتاد المجمعات لحضور بعض الفعاليات وللتسوق وشراء الهدايا بهذه المناسبة إذ غالباً ما تقدم المحال عروضاً مغرية على بضائعها.
وعن رأيه عما إذا كان يرى إن كان هناك نقص في المناطق الترفيهية، أشار عيسى إلى أن كل شيء موجود في البحرين، وبالنسبة إلى من يتحدث عن النواقص في البحرين من حيث المتنزهات والمرافق، فلا بد أن نعرف أن لكل شيء نواقص ولا شيء كامل إلا وجه الله «لكن لا أظن أن هناك نقصاً في المرافق، وعلى أية حال نحن نتحدث عن بلد صغير جداً، ولا يمكن أن نتصور وجود متنزهات كتلك المجودة في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول».
الارتحال للبيت العتيق
«في أيام العيد، نذهب لزيارة الأهل والأصدقاء ونأخذ الأطفال إلى الحدائق العامة. ونظراً إلى طبيعة عملي وهي النوبات فإني لا أتمكن من الذهاب إلى المجمعات والمتنزهات الترفيهية، ففي بعض المناسبات نضطر نحن العمال في الاماكن الحساسة التي لا تغلق في الأعياد والعطل إلى العمل، وهذا شرف لنا أن نخدم الوطن فالعيون التي تنام بحاجة إلى عيون تسهر على راحتها»...
هذه الفقرة كانت المقدمة لحديث المواطن جواد أحمد (موظف) الذي تمنى لو أنه حصل على إجازة للذهاب إلى البيت العتيق لقضاء العمرة، وزيارة مسجد رسول الله (ص).
وحين تصبح الحدائق الجميلة أمنية، ينتقل بها أحمد في الكلام ليقول: «كما تعلمون، لا يمكن لنا أن نحصل على مرادنا في كل الأوقات، ونتمنى للجميع عيداً مباركاً، وأن يقضوا أوقاتاً سعيدة. ولكن نتمنى لو أننا نرى المزيد من الحدائق العامة التي يلجأ إليها الناس بعد أن منع الناس من الوصول إلى بعض السواحل وأصبحت هذه السواحل العامة سواحل خاصة مقصورة على بعض الناس وهو أمر مخالف للمنطق والطبيعة فالأرض كلها لله والناس فيها شركاء».
زحمة المرور... آفة الأعياد!
أثناء هذه الجولة، نقف برهة مع مواطن وزوجته، وما إن اقتربنا منهما حتى وجدت الزوجة الفرصة مناسبة... للابتعاد عن الكاميرا وترك المجال لزوجها أسامة علي راشد الذي يقول: «في أول أيام عيد الفطر المبارك نركز على زيارة الأهل جميعهم، وفي أغلب الأوقات نذهب إلى الاحتفالات والمجمعات المنتشرة في كل أرجاء المملكة... أماكن الترفيه موجودة في المملكة ولا يوجد أي قصور، ولكن المشكلة هي مشكلة الزحمة في البحرين، وتحديداً قلة مواقف السيارات إذ إنك تضطر إلى الوقوف ساعات طويلة في زحمة المرور التي لا تنتهي».
ويواصل حديثه... «وكنا نتمنى لو أنه تم الانتباه إلى هذه المشكلة قبل أن تقع، هناك مشكلة أخرى، المطاعم التي لا يمكن أن تحصل فيها العائلات على حجز، وتتأخر ولا تحصل مجالاً لتجلس للعشاء أو الغداء...»
ويختم حديثه مازحاً... «باختصار هناك مكانين لا يمكنك الحصول على مجال فيهما، المطاعم، وقسم الطوارئ في السلمانية!».
حسرة على مدن الألعاب
ماذا يقول الأخوان محمد وأحمد عبدالجبار! إنهما يقضيان العيد مع الأهل، وقبل الجميع يزوران جدتهما، ومن ثم يزوران الأهل للتهنئة وتناول طعام الغداء مع الأهل...
عند المساء يذهبان إلى «ماجيك آيلاند»، «ونصرف على الألعاب ما يقارب من 10 دنانير»... يستدركان ليقولا: «نتحسر حين نرى مدن الألعاب التي تعرض في المملكة العربية السعودية، ونتمنى لو أن لنا في المملكة مثل هذه المدن».
تعمل حورية العازمي موظفة في القطاع الحكومي، وهي تشير إلى أنها تقضي أكثر الأوقات في المنزل، وفي بعض الأوقات تذهب للتسوق في المجمعات التجارية والأسواق. وبالنسبة إلى المجمعات فإنها تغص بالناس في أيام الأعياد لأن الناس لا يدرون أين يذهبون في هذه الأيام فالبدائل قليلة.
وتضيف «كما أنني أقضي بعض الوقت في زيارة الأهل... في البحرين لا توجد مناطق للترفيه العائلي إذا ما قارنا وضعنا مع الدول الأخرى، ولا نشعر بجو الأعياد أبداً، وعلى سبيل المثال فإننا لم نفرح في القرقيعان ولم نفرح كما في الأيام السابقة، واقتصرت الفرحة على شراء الملابس ولبس الأطفال في هذا اليوم وزيارة الأهالي والتجوال في الحي وزيارة الأصدقاء، وباختصار فقد كانت تجهيزات القرقيعان أكثر بكثير من إحساسنا بهذا اليوم، ولا ندري لربما تغيرت الأحوال الآن وتغيرت الناس».
وتتكلم بصراحة، لتقول... «نعاني من ارتفاع أسعار السلع في البحرين، وخصوصاً الملبوسات، حتى أنني فضلت الذهاب إلى المملكة العربية السعودية للتسوق فيها، وذلك لأن أسعارها أرخص بكثير من أسعار البحرين... بعض الأهل يفضلون قضاء العيد بعيداً عن جو المملكة، فإن لم يستطيعوا الذهاب إلى المناطق البعيدة لقضاء العيد، فإنهم يقضون أوقاتهم في المملكة العربية السعودية. ولا ننسى أن الكثير من البحرينيين قد حجزوا مقاعد للسفر حتى الحصول على مقعد شاغر أمر صعب للغاية».
أماكن الترفيه العائلي...
حمد عبدالحميد - موظف حكومي - يقول: «عطلة إجازة العيد أقضيها معظم الوقت مع أقاربي... نتجمع في المنزل ونتبادل التهاني فيما بيننا و نتبادل أطراف الحديث حول المسلسلات الرمضانية التي عرضت أو تلك التي يتواصل عرضها إلى أيام العيد ومدى نجاحها كل على حسب منظوره الشخصي. ولتغيير هذا المنهج طيلة أيام العيد، نتفق في اليوم الأخير من إجازة العيد على التجمع في مكان خارج نطاق المنزل وعادة يكون في أحد المطاعم أو احد المجمعات والذهاب إلى السينما لتغيير الروتين. إن البحرين تفتقر لوجود أماكن ترفيهية مرغوبة وغالباً تكون هذه المرافق محصورة بالمجمعات والسينما ليس غير ذلك».
زيارة القبور
ولعل كلام إيمان الصفار، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، يمثل رأي الكثيرين في مثل سنها اذ تقول: «في البحرين لا يوجد أي مكان نرفه فيه عن أنفسنا، فالحديقة المائية لم تعد حديقة، ومرافقها لم تعد مرافق للعب والترفيه، والأمر ينطبق على عين عذاري وبقية المرافق... وبالنسبة إلى المجمعات التجارية فلا يمكن للواحد أن يتجول فيها، فالمحال مليئة بالرواد الذين يقصدونها لقضاء الوقت لا للتسوق».
«معظم الوقت نقضيه في التردد على بيوت الأقارب، إذ أصبح التزاور أمراً مألوفاً، وبعض الناس لديهم عادات في الأعياد، حيث يزورون قبور الأحبة ويجددون بهم عهدا، ولكن الملاحظ أن زيارة القبور أصبحت ظاهرة غريبة في بعض المناطق، إذ من الطبيعي أن ترى الفتيات والشباب يتواعدون في المقابر ويتبادلون أطراف الحديث والأرقام».
بهذه العبارة تختم إيمان حديثها، لكن يبدو أن هناك اتفاقاً على نقص أماكن الترفيه العائلي في المملكة، مطاعم تغص بروادها، ومجمعات عامرة بالناس الذين يفدون إليها من كل حدب وصوب... مقابر تغص بزوار الأحبة الذين يتوجهون إلى من ارتحل عنهم ليجددوا به عهدا. هذا هو حال الناس في الأعياد
العدد 1158 - الأحد 06 نوفمبر 2005م الموافق 04 شوال 1426هـ