كان الله في عون رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري وهو يوقع أصعب القرارات في احلك الظروف حين طلب من مجلس الأمن الدولي التمديد للقوات المتعددة الجنسيات لمدة عام واحد للبقاء في العراق. فليس من السهل ابدا على أي عراقي أبي ان يطلب بقاء قوات أجنبية في بلده، ولكن ما حيلة المضطر. فكل من التقى الجعفري أو عرفه عن قرب يدرك تماما الموقف الذي كان به هذا الرجل وهو يتخذ هذا القرار مرغما لا بطلا، اتخذ هذا القرار لإنقاذ العراق من احتمالات كثيرة، والحرب الأهلية ليست أسوأها طبعا، الجعفري اختار أفضل اسوأ القرارات إلى نفسه وإلى بلده، إذ لاشك ان هكذا قرار صعب جدا على رجل تسري الوطنية والعروبة والنضال ضد القهر والعبودية في عروقه مسرى الدم، كيف لا وهو من ناضل العمر كله في سبيل هذه الاهداف النبيلة، بالتأكيد كان اختيارا وقرارا مرا لكنه شجاع ليحمي العراق من مصير مظلم فيما لو خرجت هذه القوات بصورة مفاجئة مثلما يسعى اليه حاملو رايات الموت والدمار والألم تحت مسميات أخذت من جرف العراق وشعبه الشيء الكثير عبر الزمن. وليس دفاعا عن القوات الأميركية أو تبريرا لقرار الجعفري ولكن كيف سيكون حال العراق لو خرجت هذه القوات قبل ان تتمكن القوات العراقية من استكمال مستلزماتها في حماية البلد؟ هل سنكون تحت رحمة من يدعو "برنامجه السياسي" إلى قتل 13 مليون مسلم شيعي وقتل كل مسلم سني مرتد أو صامت عن الحق "بحسب مسمياتهم" وقتل كل الأكراد "الخونة" وقتل كل من دخل العملية السياسية وكل جندي وكل شرطي وكل معلم وكل عنصر أمن وكل عامل بناء وكل زائر لمرقد شيعي ووووو. هل هذا البديل المطلوب للشعب العراقي؟ هل هذا استحقاق شعب كان ولايزال موطنا للجميع وقبلة للعرب؟ إذا الجعفري اتخذ القرار الصعب في الزمن الصعب وتلك هي لعمري شجاعة الشجعان وحكمة الحكماء.
إقرأ أيضا لـ "فاضل البدري"العدد 1156 - الجمعة 04 نوفمبر 2005م الموافق 02 شوال 1426هـ