ما بين انقضاء عيد واستقبال عيد جديد، تشرع القلوب أبوابها للأمنيات التي طالما راودتها، وطالما حلمت بتحقيقها، إذ انها تجد في الأعياد الأنس والسرور والتفاؤل وهو الشيء الذي يجعلها تحلم بأن تجد جميع أمنياتها على أرض الواقع. العيد الذي تشيع الابتسامة في جوانبه، الذي تتعلق به نفوس الجميع صغارا وكبارا، الذي تحياه القلوب مؤملة بغد مشرق، نافضة عن ذهنها الذكريات الأليمة والأحزان المقيمة. وهو العيد الذي تجد فيه النفس سكينة وطمأنينة عندما تجد الجميع وقد خلع رداء الحزن وتوجه بكليته للاستمتاع بمباهج الحياة. ترى بماذا يحلم الناس؟ وما هي أمنياتهم التي يرجون تحقيقها في العيد؟ وخصوصا نحن نعيش سعادة عيد الفطر المبارك ونرى الأطفال من حولنا يلعبون ويمرحون كالزهور اليانعة؟ فبماذا تتعلق أمنيات العيد على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام، هل لاتزال أمنيات الناس كما هي منذ عام مضى؟! "الوسط" كانت هناك مع الناس في الأسواق وفي كل مكان تواجدوا فيه اذ استمعت اليهم ونقلت أمنياتهم عبر هذا الاستطلاع.
الشباب أولى
يعتقد الموظف بقوة الدفاع جمال محمد أن السؤال عن أمنيات العيد هو سؤال يلائم الشباب أكثر منا نحن ممن تجاوزوا مرحلة الشباب، فحري بأن يتوجه به الى من هم دوننا عمرا فنحن قد تخطينا مرحلة الشباب واقتربنا من سن الأربعين فالشباب هم أولى من غيرهم بالسؤال عن أمنياتهم وتطلعاتهم في الحياة والتي يمتنون تحقيقها مع مرور كل عيد. ولكنه يفتح قلبه ليقول: "ومن ناحيتي فإني قد حققت نوعا ما شيئا من طموحاتي وتطلعاتي وأمنياتي في الحياة، فأنا أعمل والحمد لله وزوجتي تعمل واستطعت شراء بيت من بيوت الاسكان بمالي الخاص ولم يتبق لي - أسوة ببقية الآباء - الا تمني نجاح أبنائي وتفوقهم، فهم كل ما تبقى لي ويهمني جدا نجاحهم في الحياة. فلكل فرد منا ظروفه التي تمر به وهو في هذا العيد المبارك. ومن تمام سعادتي رؤيتي أبنائي متفوقين وناجحين في الحياة".
"انفلونزا الطيور"
وتعبر زينات الدولاري، وهي أمينة سر جمعية أطفال وشباب المستقبل بأمنياتها عن أمنيات الجميع حين تعبر عن خوفها من مرض انفلونزا الطيور وتدعو الله سبحانه وتعالى أن ينجي البحرين وما جاورها من بلاد إسلامية من هذا المرض الفتاك. إذ تقول الدولاري: "ان الأمن والسلام هو أول ما أتمناه لبلدي الطيب، إذ أتمنى أن يمر العيد السعيد علينا وعلى جميع أبناء البحرين ونحن نرتدي لباس الاستقرار. وكم يهمني جدا أن تكون البحرين بمنجى من مرض انفلونزا الطيور الذي فتك بالكثيرين وأن تكون البحرين ضمن الدول التي لا يدخلها هذا المرض. فكم يؤسفني أن يتحول هذا المرض الى مرض يهدد الإنسان في كل مكان. كذلك يهمني جدا أن يعيش أبناء البلاد الاسلامية في سلام وأن يتم القضاء على الحروب التي تحصدهم والتي تعاني منها بلادهم فمن غير المعقول أن تظل بلادنا الاسلامية في حروب طاحنة لا تبقي ولا تذر". وعلى المستوى الشخصي تتمنى "ان يهيئ الله لي السبيل للذهاب لأداء العمرة في بيته المبارك وأن يتقبلها الله مني بأحسن قبول. كما أتمنى الى ذلك التفوق في دراستي".
الترفيه ممنوع
في حين تبدي الطالبة بكلية الحقوق بجامعة البحرين شيرين كريمي انزعاجها من خلو البحرين من الأماكن الترفيهية للشباب وخصوصا الفتيات وهي تتساءل هنا عن غيابها مع أهميتها. وتوضح كريمي "انني مع مرور كل عيد أتساءل عن وضع الشباب البحريني وعن الأماكن التي يمكن أن يقضين فيها أوقاتهم. فكم تمنيت - ولاأزال - أن تبادر الحكومة الى توفير أماكن ترفيهية لنا نحن الشباب. ولكن للأسف يمر العيد تلو العيد ولا نجد أدنى استجابة لنا". وتوضح خيبة أملها حين تقول: "ان العيد - لاشك - هو مجال رحب للالتقاء بالأهل والأصحاب ولكن ما هي فائدة هذا اللقاء طالما أنه لقاء لا يكون فيه شيء من الترفيه الذي نحتاجه. فنحن نحتاج الى أن تلتفت الحكومة الينا وأن توفر لنا شيئا من الترفيه. فلو ألقيت نظرة على الناس في الأعياد لوجدتهم يخرجون من البحرين ويفرون في رحلات سياحية الى الكويت وغيرها من دول الخليج طلبا لهذا الترفيه، بينما نحن هنا لا نجد غير المجمعات واذا كان الشباب يستطيعون الذهاب الى تلك المجمعات فنحن الفتيات لا نستطيع التواجد باستمرار في الأماكن المزدحمة".
حوافز وزيادات
ولا يخفي الموظف بوزارة التربية علي محمد علي سعادته بحلول عيد الفطر المبارك وسعادته بوجوده بين أهله وأصدقائه والنعم الكثيرة التي منا الله بها عليه قائلا: "لقد استطعت الحصول - والحمد لله - على بيت من بيوت الاسكان وهو أمر لا أتصور أن هناك شخصا في البحرين لا يتمنى الحصول عليه الا أنني لاتزال لدي أمنيات أخرى أتمنى تحقيقها وأستبشر خيرا بهذا العيد المبارك". وما هي هذه الأمنيات؟ يجيب علي: "نحن والحمد لله في بلد آمن يشيع السلام والأمن فيها، ومن كمال هذا الأمن والسلام والاستقرار لأبناء البحرين أن يعاد النظر في الرواتب. فكم هو جميل ألا يذهب عنا هذا العيد الا وهناك زيادة في رواتبنا من أجل تغطية مصروفات وحاجات الحياة. فقد مر العام الماضي ولم يتحقق هذا الأمر فنتمنى أن يكون هذا العام فاتحة خير لنا في تلك الرواتب". وكأنما سمع الموظف ببنك الكويت الدولي جميل محمد الكلام السابق فأكد عليه بقوله: "نحن لانزال نأمل بالخير لهذا البلد الطيب ولانزال نتمنى ألا يمر هذا العام الا والجميع قد حقق أمنياته في البحرين. فقد مر العام الماضي من دون أن نلحظ تغيرات كبيرة تتعلق بحياة الناس، لذلك أتمنى أن يكون في هذا العيد مجال رحب لحوافز أكثر وأن يتم الاهتمام بشكل أكبر بالقطاع الخاص أسوة بالقطاع العام". ويوضح أمنيته بقوله: "أعتقد أن جميع الموظفين بالقطاع الخاص يشاطرونني التساؤل عن سبب استثنائهم من المكافأة التي نالها القطاع الحكومي. فنحن كنا نأمل عندما ظهرت مسألة "البونس" أن يكون لنا نصيب فيها".
الأسواق... للجميع!
ومن الأشياء التي كان يتمنى الموظف باحدى الوزارات الحكومية عبدالله محمد أن يتم الالتفات اليها هي الأسواق التي يجدها اليوم وقد انتعشت وأصبحت ممتلئة بالبضائع ما جعل كل شيء في متناول الناس. ويقول محمد: "أتصور أن هناك الكثير من الأشياء التي حصل لها تغيير طوال العام وان كانت هناك بعض الأشياء هي بحاجة ماسة الى تغيير. من تلك الأمور التي حدث لها تغيير كبير الأسواق مثلا، فالأسواق أصبحت كبيرة واسعة ممتلئة بالبضائع التي يتمنى المستهلكون استثمارها، فيما بالأمس القريب لم تكن تلك البضائع تتوافر بهذه الكثرة في الأسواق. إذ أصبحت الأسواق عامرة بكل شيء. ولكنه يستدرك في كلامه موضحا بشأن علاقة الفقراء والمحتاجين بهذه الأسواق: "لكن الشيء الذي أجده موازيا لهذه الأسواق لكنه لم يتحقق وآمل أن يتحقق هو أنه لايزال هناك الكثيرون غير قادرين على شراء أبسط الأشياء كما هو متوافر لميسوري الحال. إذ إنه من المهم أن تتم مساعدة هؤلاء المحتاجين، وخصوصا أننا نحتفل بعيد اسلامي يهتم بالمساواة بين الناس فقيرهم وصغيرهم ويدعو للرحمة بالفقراء".
أين حظ الأطفال؟!
ويمسك صديقه الموظف باحدى الوزارات الحكومية أيضا محمد أحمد بخيط الكلام ليدير الحديث الى موضوع الأطفال واستمتاعهم بالعيد، إذ يرى أنهم الأحق بالاستمتاع بالأعياد ويتساءل عن دور الشركات والمؤسسات في الترفيه عن هؤلاء الأطفال. ويقول أحمد "أين يذهب الأطفال في أوقات من المفترض أن تكون أوقات للمتعة واللعب والفرح طالما أن أماكن الترفيه غير متوافرة. اننا نتعمد الذهاب مثلا الى الكويت بالأطفال لأن المتنزهات وأماكن الترفيه لديهم أكثر مما هي موجودة هنا. كذلك هي أقل سعرا. ولأننا لا نجد ذلك في البحرين. وحرام أن يظل طفل البحرين محروما من كل ذلك في حين يسعد ويستأنس طفل الخليج بذلك. لذلك أجد من الضروري أن تبادر الشركات الى ايجاد أمثال تلك المتنزهات وأن تدعم من قبل الدولة من أجل "خاطر" الأطفال". وعندما سألنا الطفلة صفاء عبدالله مطر التلميذة بالمرحلة الابتدائية في مدرسة الدير الابتدائية الاعدادية للبنات عن صحة الكلام السابق أجابت صفاء: "أنا أكون سعيدة وفرحانة كثيرا في العيد لأنني أجلس مع صديقاتي ونذهب لنشتري الألعاب. ولكن ما يضايقني فعلا هو عدم وجود مكان نلعب فيه غير البيت والشارع. وكنا نلعب في المدرسة ولكن المدرسة مغلقة. وأنا وصديقاتي نتمنى فعلا أن تكون لنا حديقة نلعب فيها ونمرح. حديقة تكون في قريتنا توجد فيها الألعاب والدكاكين".
بلاد المسلمين
كانت أمنية المدرس بمدرسة مدينة حمد الاعدادية للبنين هاشم زيغان "أردني الجنسية" نابعة من احساسه وشعوره بكونه عربيا مسلما لذلك جاءت أمنياته تحمل أمنيات جميع الاخوة العرب في البحرين. إذ يقول زيغان: "أتمنى ألا يمر هذا العيد الا وجميع البلاد الإسلامية بخير وأن يعم هذا الخير على جميع أبناء الوطن العربي الكبير وأن نراه وقد حقق أمنياته وطموحاته، في ظل دين إسلامي يتمسك به الجميع. فكم أتمنى أن تنتصر الدول العربية والإسلامية على أعدائها وأن يعيش أهلها تحت ظل الإسلام أمة حرة كريمة في فلسطين والعراق وفي كل البلاد الإسلامية". ويتابع زيغان بتأثر: "ان هذا الآمال أتمناها في كل عام ومع كل مناسبة فعسى أن يحقق سبحانه لنا هذه الأمنيات، فإن أوضاع المسلمين والبلاد الاسلامية اليوم أوضاع صعبة، إذ يعيش أهلها محنا حقيقة فعسى الله سبحانه أن يحقق النصر لهم ببركة هذا العيد المبارك".
الابتسامة والسعادة
ولكن، هل تختلف أمنيات طلاب المدارس عن أمنيات غيرهم؟ لا يبدو الأمر كذلك، فالطالب في معهد الشيخ خليفة للتكنولوجيا محمد ابراهيم يتمنى أن تعم السعادة على الجميع. ويقول ابراهيم: "ان كل ما أتمناه أن أرى الابتسامة والسعادة على وجوه الناس وان يكونوا قلبا واحدا ويدا واحدة. فكل منا يتمنى أن يعيش سعيدا ولكننا لا نفكر في أن نكون محبين لبعضنا في مثل هذه الأعياد، مع أنه من المفترض أن تتحول قلوب
العدد 1156 - الجمعة 04 نوفمبر 2005م الموافق 02 شوال 1426هـ