العدد 1155 - الخميس 03 نوفمبر 2005م الموافق 01 شوال 1426هـ

التعليم الإلكتروني

سلمان عبدالكريم comments [at] alwasatnews.com

-

منذ بزوغ عهد الانترنت حدثت طفرة كبيرة في عالمنا إذ برزت كثير من التقنيات الحديثة المبنية على تقنية الانترنت التي من خلالها تغيرت مجرى حياتنا وطريقة معاملاتنا اليومية وأصبحت الحكومات تتنافس وتتسابق في استخدام هذه التقنية السهلة والرخيصة في تطوير وتحسين خدماتها اليومية، ومن هذه التقنيات التي برزت أخيرا: - البنك الالكتروني "eBanking" إذ يستخدم تقنية الانترنت في توفير معظم المعاملات البنكية على صفحات الويب وتيسير معاملات الزبائن من حيث توفير هذه الخدمات 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع وفي أي مكان في العالم. - التجارة الالكترونية "eCommerce" إذ يتم من خلالها توفير خدمات التسوق واجراء عمليات البيع والشراء في أي مكان في العالم عن طريق استخدام الانترنت، وهناك المزيد من هذه التقنيات كالحكومة الالكترونية وغيرها، ومن أبرز هذه التقنيات التعليم عن طريق الانترنت أو كما يقال التعليم الالكتروني أو التعليم عن البعد. ولكي نعرف ما هو التعليم عن طريق الانترنت أو ما يسمى بالتعليم الالكتروني وهو الشيء الجديد والمثير في هذه الأيام وعلاقته بالتعليم عن البعد، علينا توضيح هذه المفاهيم من خلال تعريف كل هذه المصطلحات. التعليم عن البعد ليس بتقنية جديدة ويرجع تاريخ ظهور هذه التقنية الى العام 1800م إذ كانت بعض الجامعات الاميركية والبريطانية توفر بعض الدروس لطلابها الذين لا يستطيعون الحضور الى مبنى الجامعة لأي أسباب كانت عن طريق البريد والمراسلات التقليدية. وهذا النوع من التعليم كان يناسب الاشخاص الذين يسكنون في المناطق البعيدة ومن الصعب الذهاب والرجوع الى حرم الجامعة، والذين يعانون من أمراض الاعاقة إذ لا يستطيعون مراجعة حرم الجامعة بصورة مستمرة، والمرتبطين بطبيعة أوقات أعمالهم. ومع التطورات التي حصلت أخذ المهتمون بهذا المجال باستخدام وسائط متقدمة آنذاك لتسهيل عملية توصيل العلم للدارسين عن البعد، وذلك عن طريق استخدام التلفزيون والراديو. ومع ظهور اجهزة الفيديو أخذت الدروس تظهر مسجلة على أشرطة الفيديو. هذه الوسائط لاتزال تستخدم في وقتنا الحاضر للدارسين عن البعد وهي بلاشك ساهمت في تيسير عملية التدريس لهذه الفئة ولكن هناك بعض النواقص والسلبيات المحيطة بهذه الوسائط قد تحد أو تعوق أو تقلل من شأن التعليم عن البعد. وبعض هذه السلبيات هي: 1- بعض هذه الوسائط قد تكون مكلفة في حال توفير دروس حديثة على الهواء مباشرة وبشكل مستمر. 2- معظم هذه الدروس تكون معدة ومسجلة مسبقا، لذلك من الصعب ومكلف تحديث هذه الدروس بشكل مستمر. 3- هذه الوسائط قد لا توفر نوعا من الاتصال لدعم ومساندة الدارسين والرد على استفساراتهم. 4- قد يصعب على هذه الوسائط توفير المراجع وأسلوب البحث عن المعلومات للباحثين في جميع الأوقات. وهناك طبعا بعض سلبيات أخرى ولكن لا تسعنا المساحة لذكرها في الوقت الحاضر. ومع ولادة عهد الانترنت وانتشارها بشكل سريع أصبحت هذه التقنية رخيصة وفي متناول الجميع وجعلت الانترنت عملية الاتصال بين شعوب العالم ميسرة وسهلة والأهم انها رخيصة ومستمرة. أخذ المهتمون والباحثون في مجال التعليم عن البعد في الاعتبار استخدام هذه التقنية في عملية نشر وتطوير التعليم عن البعد لما تحتويه من المزايا والخدمات التي تيسر على المعلمين والدارسين في مثل هذا النوع من التعليم وقد نجحوا في ذلك إذ يتم تطوير برامج الحاسوب الخاصة بالتعليم على صفحات الويب وبسبب كثرة انتشار خدمات الانترنت حول العالم والراجع الى سهولة ورخص هذه التقنية أصبح التعليم عن طريق الويب يأخذ اهتماما كثيرا من قبل المعاهد التعليمية بل حتى المؤسسات والشركات التجارية إذ أثبتت الدراسات ان هذا النوع من التعليم والتدريب يوفر أسلوبا تربويا حضاريا ومتطورا ومرنا واقتصاديا في آن واحد. ولنقدر مدى أهمية التعليم الالكتروني في عالمنا الحاضر علينا ايضاح المزايا والفوائد العائدة من مثل هذا النوع من التعليم: - إذ لكون ان المادة التعليمية موجودة على شبكة الانترنت، فهذا يعني بامكان المتعلم ان يحضر الحصص الدراسية في أي وقت خلال 24 ساعة في اليوم ومن أي مكان في العالم. - هناك دراسات تؤكد أن التعليم الالكتروني يساهم وبشكل كبير في توفير نفقات التعليم، فمثلا: 1- بامكان تجنب نفقات السفر لحضور دورة تدريبية أو محاضرة في بلد آخر وذلك من خلال حضور تلك الدورات عن طريق الويب. 2- لأن التعليم حاصل عن طريق الويب وكل متدرب أو متعلم يحضر هذه الدورات التعليمية والتدريبية من المنزل أو من مكان العمل فإن النفقات المتراكمة على عاتق معاهد التعليم كبناء الفصول وتوفير الطاولات والكراسي ومواد أخرى تكون محدودة أو منعدمة، إذ إن معظم المراجع تكون متوافرة عن طريق الويب فانه لا داعي لهذه المعاهد لتوفير المكتبات وبيع الكتب وآلات تصوير ومخازن وغيرها من المرافق والخدمات الطلابية المساندة. 3- لأنه بامكان المتدرب حضور دورة على الويب في أوقاته الخاصة فذالك يحد من خروج الموظفين في اثناء دوام العمل الرسمي وهذا طبعا يعود بالفائدة الكبيرة على الشركات والمؤسسات لعدم انقطاع خدماتهم. - المتعلم عن طريق الانترنت يكون متطلعا دائما الى المعلومات والخبرات الموجودة في العالم. فبامكان المتعلمين عن طريق الويب مقارنة نتائج تجاربهم العلمية مع نتائج الآخرين الموجودين في مكان آخر من العالم والوصول الى استنتاجات قوية وبراهين ثابتة تعم المتعلمين وتحثهم على زيادة الانتاجية. كما ان توافر البيانات والتحاليل الاحصائية على شبكة الانترنت يدعم المتعلمين في اقامة دراسات ميدانية معتمدة على بيانات وتحاليل حقيقية وواقعية. - المشروعات والخبرات المنشورة على شبكة الانترنت تدعم المتعلمين في التعليم الراسخ والمبني على خبرات آخرين حقيقيين. - لأن مناقشة الموضوعات العلمية عن طريق الويب حاصلة بواسطة البريد الالكتروني أو مجموعة المحادثات فإن المتعلمين يحصلون على الوقت الكافي من التفكير والرد على المناقشات العلمية وبالتالي نتائج مثمرة. - المكتبات العامة في عالمنا العربي تكون في العادة قليلة أو تفتقر إلى وجود مراجع حديثة وقيمة. وقد تكون هذه المكتبات بعيدة ومفتوحة بحسب أوقات زمنية معينة، اما المتعلمون عن طريق الانترنت فإن لديهم مكاتب ضخمة حول العالم بها كثير من المراجع الحديثة والمتوافرة في جميع الأوقات وهي قريبة على مسافة الضغط على زر الفأرة. - زيادة في عدد الطلبة إذ إن المواد التعليمية المصرحة على الويب تؤهل المتعلمين حول العالم للانخراط في هذه المواد. - إذ لكون التعليم عن طريق الانترنت فإن الطالب يستطيع ان يختار أحسن الجامعات وأحسن المعاهد التدريبية المتوافرة على الانترنت. - يستطيع الطالب الحصول على التدريب أو التعليم في الوقت الذي هو بحاجة اليهما ولا داعي إلى أن ينتظر حتى يتم تشكيل الفصل الدراسي. - الطالب هو الذي يضع الجدول الدراسي لنفسه بحسب الوقت والمكان المناسبين له. - الفصول على الويب توفر الوقت والمصاريف على الطلبة. إذ إن الطلاب ليسوا بحاجة الى لبس ثياب أنيقة للخروج الى الجامعة وصرف كمية من الوقود على السيارة وتضييع الوقت في الطريق إلى حد الوصول الى الجامعة. - بامكان المدرس ان يكون على الاتصال بالطلبة باستمرار ومساندتهم في تحصيل المواد العلمية على الويب في أي مكان في العالم فذلك ليس مرتبطا بالفصول الدراسية. - المعلمون والمدرسون والخبراء موجودون ومتوافرون باستمرار على الانترنت وليس في مكاتبهم أو اماكنهم. وهناك مزايا أخرى وكثيرة لا يسعنا ذكرها كلها هنا. ولان التعليم الالكتروني هو حديث العهد فإنه متوافر في الدول الغربية بشكل أكبر واوسع غير انه قليل الوجود في عالمنا العربي. هناك بعض الجامعات والمعاهد في عالمنا العربي اخذت على عاتقها توفير مثل هذا التعليم وقد نجحت بعض هذه المؤسسات وفشل البعض الآخر. وهذا نتيجة عدم وجود الدراية الكافية بكيفية تطبيق هذا النوع من التعليم في عالمنا العربي. وجود خبراء ومتخصصين في التعليم الالكتروني قليلون جدا على مستوى العالم وليس فقط على مستوى العالم العربي. لذلك بدأت بعض الجامعات الغربية العريقة في توفير برامج وتخصصات وشهادات في التعليم الالكتروني لكي توفر كوادر ومتخصصين ذوي مؤهلات علمية وجامعية ملمين بتصميم وتطبيق مثل هذا التعليم. وأصبحت جامعة الخليج العربي من الجامعات العربية التي سايرت هذا التقدم المعاصر ووفرت مثل هذا التخصص في صرحها التعليمي، وأصبحت السباقة في منطقة الخليج بل حتى في العالم العربي في تأهيل كوادر بشرية ذات مؤهلات جامعية كالدبلوم والماجستير في تخصص التعليم/ التدريب عن البعد، وهذا النوع من المؤهلين سيكونون ذوي عملة نادرة إذ تتهافت عليهم المؤسسات التعليمية وحتى الصناعية في تطبيق هذا النوع من التعليم في عالمنا العربي. ولا ننسى هنا مشروع مدارس المستقبل الذي تبناه ملك البلاد وهو تطبيق التعليم عن البعد باستخدام الويب في المدارس الحكومية، وهو بحد ذاته تأكيد وادراك لمدى أهمية التعليم الالكتروني في عالمنا الحاضر والمستقبل

العدد 1155 - الخميس 03 نوفمبر 2005م الموافق 01 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً