العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ

نظر جميل

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

رسم صاحبي في ذلك اليوم منظرًا جميلاً. فقد كان رساما موهوبا. رسم بحرا وشاطئا ونخلة وحيدة. وتطلعت فيما رسم وازددت اعجابا بما رسم حينما قال: «لقد رسمت الصورة قبل يومين حينما ذهبت الى شاطئ البحر قبل موعد الإفطار بساعتين. إذ كان منظرا جميلا أبدعته قدرة الله سبحانه وتعالى. فكنت أرسم والهواء العليل يداعب أنفي ورائحة البحر العطرة لا تفارقني لحظة واذ كان الشاطئ نظيفا وجدتني أتناول الألوان وأرسم في هدوء. وقلبي وفرشاتي معلقة وكل جوارحي مركزة على المنظر لذلك تجد هذا النظر أشبه بالصورة الحية التي تعاونت الألوان والأحاسيس في رسمها فتكاد تسمع فيها حفيف الشجر وموج البحر».

قلت: «هنيئا لك يا صاحبي ما شاهدت وما رسمت وهنيئا لك ما علق بذهنك من تصورات. أما نحن فليس لنا نصيب من كل ذلك». سأل صاحبي باستغراب: «وكيف ذلك» قلت: «إن من يعمل في وظيفة غير حكومية لا يجد الوقت للذهاب الى شاطئ البحر لأنه يأتي البيت ولم يتبق على الأذان سوى نصف أو ربع ساعة بل ان الكثيرين يرجعون إلى البيت وقد أذن المؤذن، بل إن الكثيرين يأتون بيوتهم ليفطروا لوحدهم بعد أن أكمل أهل البيت افطارهم. فكيف لنا أن نستمتع بما تقول ونحن مرغمون على مواصلة أعمالنا حتى الانتهاء منها والعودة الى البيت كالغرباء».

هنا جلس صاحبي وتأمل في وجهي كثيراً من دون أن ينبس ببنت شفة ثم قال أخيراً: «من أراد الاستمتاع بكل ذلك يستطيع أن يحقق لنفسه ما يشاء طالما أنه جاد في طلبه. ولكن المشكلة أنكم اعتدتم على أمور أخرى فتحولت أفكاركم وأحاسيسكم ناحية الماديات واستسلمت لها فلم تعد قادرة على مقاومتها. فكيف تستطيعون توجيه ارادتكم ناحية الأشياء الجميلة؟ والا فبالله عليك هل يعوقكم العمل عن الذهاب الى النوادي والمقاهي والمتنزهات؟! وهل يعوقكم العمل عن الذهاب الى السينما مثلا؟! انكم متى ما أردتم شيئا استطعتم التحايل على الجميع من أجل الحصول عليه بينما تقفون عاجزين عن الذهاب الى البحر والنظر اليه».

العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً