قرأت كتابا البارحة كان في غاية الجمال "الشرق الاقصى" لفوزي درويش ففي ص 60 يورد الكاتب النص الكامل للعهد الامبراطوري الذي دشن العام 1868م وهو مكون من خمس فقرات تقول الفقرة الخامسة "سوف يجري العمل على جمع المعارف من شتى انحاء العالم، وعلى هذا النحو سوف تترسخ الامبراطورية على أسس متينة". بنص هذه العبارة تطورت اليابان. هذه الفكرة الذهبية هي التي أنقذت اليابان وحولتها إلى يابان ذهبية. هكذا استفادت العقول اليابانية من الادمغة الذهبية في الاقتصاد والصناعة والمعرفة المتأصلة في أنظمة الغرب لذلك هم تقدموا ونحن تأخرنا. الرسول "ص" قال لنا: "اطلبوا العلم ولو في الصين" ونحن نكرر الحديث بأسلوب ببغائي من دون ان ندرك معناه... ان معناه - حيث الصين لم تكن اسلامية - ليس البعد المكاني فقط بل حتى الابعاد الاخرى. اطلبوا العلم ما دام علما من أي مكان ولا تتحرجوا، اثروا اوطانكم بابداعات الآخر، بمتانة علم الآخر. مراكزنا الشرقية وقنوات الإعلام العربية مازالت ترسخ في عقول شبابنا نظريات "الغرب الكافر"، "الامبريالية الكافرة"، "هذه الشياطين الغربية شعوبا وحكومات"... بمعنى آخر البحث عن العفريت والغريب ان غالبية من يروجون لثقافة الكراهية المطلقة لهذا الغرب يوفرون أبناءهم عن المواجهات الدامية ويدرسونهم في أكبر الجامعات الغربية بل هناك من المثقفين يسعى لتوقيت انجاب زوجته في شهرها التاسع في دولة غربية أو في الولايات المتحدة الاميركية حتى يحظى الابن بجنسية غربية ويسعون لتدريس ابنائهم في افضل المدارس الخاصة القائمة على الانظمة الغربية، واذا جاءوا لابناء الفقراء من المجتمع العربي باعوا عليهم هذه العبارات الفخمة الغاضبة على الغرب و"الامبريالية" والناس على رسلهم فقراء مساكين يأخذهم السياق الجمعي لكنهم لا يعلمون انهم اقل حظوة ساعة توزيع الغنائم. يسبون الغرب على المنابر وفي المؤتمرات ومشروعاتهم التجارية الخاصة غالبيتها تعقد صفقاتها مع الشركات الغربية في برغماتية واضحة. يجب على الناس أن تفهم بعض اللعب السياسية والا تقبل دائما أن تجر إلى المهاترات والكلام الفاضي والتحشيدي. الفقير في الوطن العربي يجب ان يأخذ بيده إلى المعرفة، إلى الدراسة أولا ومن ثم يرتب وضعه الاقتصادي، بعد ذلك له الخيار إن اراد ان يدخل سياسة أو مظاهرات لا العكس، كم من شاب اتصل بنا في الصحافة يريد اكمال قسط الدراسة ولم يبق عليه الا فصل دراسي واحد ولا أحد يسمع له ولا احد يمد يد العون له. فليقتطع بعض المنتفخين اموالا من رواتبهم لهؤلاء الذين يحترقون في المحارق. أنا مؤمن ان الغرب فيه الكثير من السلبيات لكن ما اريد قوله لماذا لا تستثمر ايجابياته ولماذا نغض الطرف عن سلبياتنا ونحن إن لم نكف عن اتهام الآخرين فلن نتخلص من مرض عبادة الذات. والمراجعة تعني اكتشاف الاخطاء المختبئة في العقول والقلوب. علماء النفس يطرحون عقدة ولعلنا نعيشها وهي عقدة العزو الخارجي أي الاسقاط الخارجي وهي حال مرضية ترتكز على الاسقاط مع الآخر إن الخطأ دائما في الآخر فالمدرس دائما هو غير كفء لا أن التلميذ لم يذاكر دروسه بشكل أفضل. الطبيب دائما هو المخطئ وهو سيئ في قبالة ان اتعامل بوعي مع صحتي. أظن نحتاج إلى انقلاب مارتن لوثر آخر في عقولنا كي نتطور ونغير "ملاكيتنا" المزعومة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ