العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ

العقوبات على سورية ستتجاوزها إلى بلدان الجوار

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

يدفع الحديث عن عقوبات دولية يمكن ان تفرض على سورية للوقوف والتدقيق عند ما يمكن ان تتسبب به هذه العقوبات في سورية والبلدان التي تجاورها. وهو وضع قد يكون أشد قسوة من نتائج العقوبات الدولية التي فرضت على العراق بعد اجتياحه الكويت في العام 1990 واستمرت حتى الغزو الاميركي - البريطاني على العراق العام .2003 وبحسب رأي الكثير من الخبراء، فإن سورية باقتصادها الضعيف لا تحتمل عقوبات جدية، يمكن ان تفاقم مشكلاتها الحالية. وطبقا لرأي خبير الشئون العربية في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن ستيفن كوك الذي أوردته "ديلي ستار" اللبنانية فإن "سورية تعاني من وضع اقتصادي سيىء جدا، وقد تزيد العقوبات الاقتصادية الاضافية من عزلتها ومصاعبها الاقتصادية". ان الاهم في مؤشرات الوضع الاقتصادي السيء، ان سورية تقع تحت عبء الفقر، إذ يعيش واحد من كل ثلاثة سوريين عند خط الفقر أو تحته، وهي في الوقت ذاته، لا تملك إمكانات تساعدها على الصمود في وجه العقوبات، إذ مواردها النفطية محدودة في وقت تحتاج فيه الى مزيد من الاستثمارات. وبحسب الخبراء فإن هناك حاجة الى استثمارات "ما بين 8 و9 مليارات دولار سنويا لنسبة نمو نحو 7 في المئة" لمتطلبات التنمية وتحديث قطاعاتها الاقتصادية الخارجية في غالبيتها من نطاق اقتصاد دولة دمرته ونهبته البيروقراطية إلى اقتصاد السوق الاجتماعي الذي طرحته الحكومة حديثا، والقاضي بالتشارك بين الدولة التي مازالت دولة بيروقراطية مع القطاع الخاص الخائف والراغب في استثمارات سريعة وسهلة. ولن يكون النفط السوري المحدود الانتاج والعائدية، ولا الاحتياط النقدي السوري قادرين على تأمين الاحتياجات المتزايدة لسورية ومواطنيها الذين يتزايدون بسرعة، ويدفعون نحو ثلث مليون شخص سنويا إلى سوق العمل في وقت يعاني سوق العمل من بطالة 20 في المئة من المسجلين في عداده. وبالتأكيد فإنه من غير المتوقع تدفق استثمارات الى بلد مهدد بالحصار، بل ان بعض الاستثمارات الموجودة يمكن ان تغادر الى بلدان اخرى، توفر بصورة عادية مزايا استثمارية تفوق المزايا السورية قبل الدخول تحت ضغط العقوبات المتوقعة. والأثر السلبي الذي ستتركه العقوبات على سورية شعبا ودولة، سيتجاوز سورية الى الدول المجاورة، وقد استبق الاردن موضوع العقوبات على سورية ليعلن ان التزامه بالعقوبات لا ينبغي ان يؤثر على أوضاعه الاقتصادية، ما يشير الى خطر العقوبات التي يمكن ان تشمل سورية على الاقتصاد الاردني، إذ من المتوقع اغلاق الاراضي السورية في وجه حركة الركاب والبضائع المتجهة من الاردن أو عبره شمالا الى لبنان وأوروبا عبر تركيا، وجنوبا باتجاه بلدان الخليج العربية ومصر، ما يعني خسائر أردنية كبيرة في حركة الترانزيت والبضائع والركاب في آن معا. وترسم نتائج العقوبات على سورية في انعكاساتها على الاقتصاد الاردني بعض ما يمكن ان يصيب البلدان الاخرى، إذ ستتعطل حركة البضائع والركاب من سورية في اتجاه العراق ومنه وعبره، وسورية اليوم أحد اهم منافذ العراق على العالم، وسيكون للعقوبات على سورية أثر سيء على الاقتصاد التركي، اذ سيفقد الاتراك أو يجبرون على تجميد ووقف علاقات تجارية مع سورية، تجاوزت مليار دولار سنويا ومخطط لها ان تصل الى ثلاثة مليارات. وستغلق الابواب امام البضائع والمنتجات اللبنانية ولاسيما الزراعية التي تتوجه الى العراق والخليج عبر سورية، وتغلق الطريق البرية إلى لبنان أمام عرب المشرق في العراق والأردن والخليج، وقد يكون ذلك في خلفية الموقف اللبناني المعارض للعقوبات الاقتصادية على سورية، والذي أعلنه زعيم الغالبية النيابية سعد الحريري وعدد من المسئولين اللبنانيين. ان العقوبات على سورية التي نص عليها مشروع القرار الاميركي - الفرنسي المقدم الى مجلس الأمن الدولي حاليا، ستترك انعكاسات سلبية على سورية وشعبها، تتجاوز العقوبات التي ستفرض على بعض الافراد من المسئولين مثل تجميد حساباتهم، أو منعهم من السفر، لتؤثر بشكل أساسي على حياة الغالبية السورية من حيث إعاقة مشروعات التنمية وصولا الى ما يمكن ان يرافقها من نقص في الاحتياجات الاساسية. وقد خلفت العقوبات على العراق في التسعينات أمثلة شديدة القسوة من الصعوبة، لن تكون العقوبات المحتملة على سورية أقل منها، بل قد تكون أصعب على السوريين، وخصوصا ان القدرات السورية لن تستطيع دفع رشا لكاسري نطاق العقوبات على غرار ما كان يفعل نظام صدام حسين في العراق والذي كثيرا ما قدم رشا لأشخاص ومؤسسات ودول لتخرق الحصار وتكسر العقوبات سرا وعلانية. وظلال العقوبات التي سيكون ميدانها الرئيسي سورية، ستمتد إلى دول الجوار في بناها الاقتصادية والاجتماعية، لتخلف مشكلات تضاف الى المشكلات التي تعانيها بلدان الجوار السوري وخصوصا تزايد الفقر والبطالة وما يتبعها من مشكلات وأمراض اجتماعية، لاشك انها ستضع المنطقة في فوهة بركان مدمر. وهي مخاوف حاضرة ومفهومة عند كثيرين في المنطقة وخارجها، لكن الأهم أن تكون حاضرة عند الذين يمكن أن يصنعوا قرار فرض العقوبات على سورية، ليدققوا في سلوكهم ويبحثوا عن طرق أخرى للتعامل ما يعتبرونه مشكلات قائمة مع سورية تحتاج الى حل

العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً