العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ

من منافسة السلطة إلى منافسة الناس!

"برامكة الإعلام" في البحرين...

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

حينما حاول البرامكة في عهد هارون الرشيد أن يستأثروا بأكثر مما أعطاهم من مناصب سياسية وخيرات اقتصادية، كانت ردة فعله مدعاة للفطنة والإشادة من زاوية التنبؤ السياسي، إذ قام الرشيد بقمع حركة تمرد خطيرة كانت قاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بحكمه، لكن السؤال الرشيد، في عهد الخليفة الرشيد يتمحور حول محاولة الاستكشاف عن حال البرامكة وما صارت إليه نتائج اطماعهم، ولو أنهم فقط قبلوا بما هم عليه من مزايا من دون الطمع في ما هو محرم! لكانت الحال استمرت. بالنسبة إلى البرامكة، نحن بالضرورة نمتلك إجابة سياسية مختلفة ومتباينة من شخص إلى آخر، ومن محلل إلى آخر، إلا أنه من المحتمل جدا أن ثمة شيء من هذه الإجابات مبعثر هنا بين ظهرانينا في المنامة! البرامكة البحرينيون في الإعلام صورة اجتماعية محدودة في تمثيلها الاجتماعي وإن كانت قريبة من الاستفحال مع صدور الصحف اليومية القادمة في الطريق، إلا أن هذه الظاهرة وعلى رغم كثير تشكلاتها السياسية والإعلامية السرية تتمثل في صورة فاضحة بلعبها العابث بأوراق السياسة البحرينية، فئة كانت تتحكم بالصورة الحقيقية للحدث البحريني، تعبث بها كيفما تشاء، وتبقى الحقيقة، حقيقة في الصفحات الأولى! فما ينشر في الصفحات الأولى من أية صحيفة هو خلاصات حقائقها التي توصل لها صحافيوها المتعبون من الجري خلف الحقيقة والخبر النظيف، إلا أن البرامكة لهم رئاتهم التي تستنشق الحقائق برئات عليلة تبث سلها هنا وهناك، فتقع المحاذير تباعا، لينتقل عبث البرامكة من اللعب مع السلطة إلى اللعب على الناس. الجلي للعيان، أن الصحافة لدى البرامكة "جهاز تنمية لصالح الدولة"، والجلي في الجهة المقابلة لمن هم يمثلون همجية "الحنق" على البرامكة تتجلى الصحافة في ماهيتها كجهاز "مدافعة ومنافحة لصالح المعارضة"، وفي كلا الأمرين "برمكة" من نوع مختلف، إلا أن النتيجة تبقى في كارثيتها واحدة. صحافة البرامكة صحافة استفادت من التاريخ بحرفنة، ألا نلاحظ جميعا أنهم - البرامكة - هم "الرافعون الأوحدون لشعارات العروبة! ومحاربة الاحتلال الأميركي للعراق، ومقاومة التطبيع، ومقاومة الشيطان الأكبر"، هي تجربة برمكية ناضجة على المستوى السياسي حد التنبه والتيقظ الفطن حتى لا تنجر برامكتنا لخطأ برامكة الرشيد، وليبقى زعماء البرامكة قابعين على امبراطورياتهم الإعلامية! "برامكة الإعلام" خياراتهم اليوم تنزح لمحاربة المجتمع نفسه، عبر فرض الوصاية الفوقية العاقلة الملتزمة بالقانون، تجاه المشاغبين الأغبياء، الذين هم للتو أصبحوا يعطون إشارات تنبئ بــ "الالتزام بالقانون"، ليتضح بما لا يدعو للشك أن برامكة الإعلام البحريني عارفون بمجريات الرهانات التاريخية، فكما تنمو السوق متغوله في الصور المشوهة لليبرالية الجديدة، تنمو ظاهرة البرمكية الجديدة قفمكفى كظاهرة قارة وثابتة بالحقل الإعلامي البحريني. "أخبار الصفحة الأولى مجهولة الولادة"، "التحليلات الأينشتانية المعتقة"، "القراءات الطائفية المهووسة"، كلها تصب في تأسيس هذه الظاهرة وتغولها في الحقل الإعلامي، وطبعا إذا كانت السلطة في مأمن نسبي، فإن الناس هم من يدفعون ثمن بقاء البرامكة وتعملقهم وزيادة أرباحهم "المتحولة" لخسائر جراء أن البرامكة الجدد لا يتآمرون على الناس وحسب، بل تزيد مشاهد تآمرهم لتطال مستثمري مؤسساتهم، ولنا أيضا في ذلك حكمة.

برامكة "أباطرة"!

يقول سيار الجميل في مقاله "التضليل الإعلامي وتزييف التاريخ": "ويبقى المضللون من الرواد، وكأنهم سدنة لتلك المفبركات من دون ان يعترفوا بخطاياهم وآثامهم بحق الثقافة السياسية العربية!". ويطرح سؤاله المركزي "ما الذي أحدثته بعض تلك الرموز الإعلامية في تاريخ السياسة العربية؟ وما تأثيراتها السيئة على تطور المجتمع العربي في ظل هيمنتهم على مواقع الإعلام في بلدانهم، أو حتى نشرهم كتبا خادعة مليئة بالاكاذيب والافتراءات؟". ولنا أن نحاول الإجابة في ظل قليل من التأمل المزعج، وثمة أيضا أشياء من الإجابة بين ظهرانينا هنا في المنامة!

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً