العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ

سباق مع الوقت

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

وصل إلى بيروت رئيس "لجنة التحقيق الدولية" ديتليف ميليس في اليوم الذي وافق مجلس الأمن بالإجماع على صدور القرار 1636 الذي يطالب سورية بالتعاون الكامل بشأن اغتيال رفيق الحريري. وصول ميليس بهذه السرعة ومعاودة نشاطه في اليوم الذي صدر فيه القرار الدولي الجديد يشير إلى نوع من العجلة في المسألة. فالدول الثلاث الكبرى التي رفعت مسودة المشروع أفصحت في تعليقات وزراء خارجيتها بشأن القرار عن قراءات سياسية تتجاوز حدود الجريمة محددة النقاط المستهدفة من وراء البحث عن الجهة التي مولت وخططت وسهلت ونفذت "العمل الإرهابي". قراءة سريعة في نص القرار تكشف عن وجود فقرات "ثغرات" تفسح المجال لدخول السياسة تحت غطاء قانوني. فالقرار مثلا ركز في ديباجته العامة على الإرهاب مذكرا بالقرار 1373 الصادر في العام 2001 والقرار 1566 الصادر في العام .2004 هذا التذكير القانوني يشير إلى وجود نية دولية بربط الجريمة بشبكة إرهابية تعمل وتنسق مع جهات أمنية لبنانية - سورية. وانطلاقا من هذه الديباجة العامة فتح القرار الباب أمام سلسلة تنبيهات منها عدم التسامح مع أي فعل يقوض الاستقرار في لبنان. وكذلك تكرار القول إنه من الصعب تخيل سيناريو الاغتيال من دون موافقة مسئولين أمنيين سوريين. وتحت هذه "التهمة" الظنية ساق القرار ملاحظة سلبية تشير إلى نوع من التعاون الشكلي المحدود من جانب دمشق تخللته محاولة تضليل للتحقيق أقدمت عليها شخصيات رسمية. فقرات القرار أحكمت الطوق منذ السطر الأول وأخذت الكلمات تنهمر واحدة بعد أخرى لتشكل ذاك الإطار "الوعاء" القانوني لمنع التسلل أو التهرب من المسئولية باستثناء المقطع "ب" من المادة الثالثة في الفقرة الأولى. وهذا المقطع الذي يستند إلى المادة 28 من النظام الداخلي المؤقت يشير إلى تشكيل "لجنة تابعة لمجلس الأمن تتألف من جميع أعضاء المجلس من أجل الاضطلاع بالمهمات المنصوص عليها في مرفق هذا القرار". والقرار المرفق يشترط موافقة أعضاء اللجنة على اسم المشتبه أو غير المشتبه فيه خلال يومين. وفي حال الاعتراض تجتمع اللجنة خلال 15 يوما للبت في الموضوع. وهذا يعني أن التفاوض على الأسماء مسألة مطروحة في حال وافقت أو اعترضت اللجنة. هذا "الملاذ الآمن" يعطي فرصة للبحث وكسب الوقت إلا أنه لا يقوض تلك الفقرات الخطيرة التي نص عليها القرار. فالتفاوض مجاله السياسي محكوم بفترة زمنية. وسرعة توجه ميليس إلى بيروت توضح أن الدول الثلاث الكبرى على عجلة من أمرها. القرار إجمالا أحكم الطوق على رغم وجود ذاك الملاذ "مرفق خاص". فهو يتضمن عناصر خطيرة كان على دول مجلس الأمن المؤيدة لسورية الانتباه إليها وتعديلها قبل الموافقة عليها. فالدول المتعاطفة مع دمشق ركزت مناقشاتها على الاتهامات السياسية وحذفت بعض الإشارات التي تذكر سورية بالاسم. ولكنها أهملت الجوانب الخطيرة في القرار وهي تلك المتعلقة بالخطوات الإجرائية التي أتى على ذكرها البند 11 من الفقرة الثالثة. فهذا البند هو الأهم لأنه يفتح ثغرة أمنية دولية في جدار سورية السياسي ويعطي صلاحيات استثنائية للجنة التحقيق تتعلق بالأسماء والأمكنة والأساليب. فالمقاطع "أ" و"ب" و"ج" تعتبر بمثابة وسائل قانونية للعبور من ضفة إلى أخرى. وهذه الجسور يمكن أن تلتف وتتحرك على أكثر من مستوى للنيل من أعلى الأسماء والرموز في دمشق. المشكلة الآن أن البند 11 مر مرور الكرام ومن دون انتباه أو تدقيق في عناصره التقويضية، بينما تم التركيز على الجوانب السياسية "النظرية" وهي في لغة القانون لا تعتبر اتهامات جرمية مادام النقاش على "تعريف الإرهاب" لايزال من المسائل الخلافية بين دول مجلس الأمن. البند 11 بات يمتلك الآن حصانة دولية مضافا إليه ذاك المرفق الخاص الذي يفسح مجال التفاوض على إدخال بعض العناصر التخفيفية على فقرات القرار .1636 وصل ميليس إلى بيروت بسرعة واستأنف نشاطه بعد توقف محدود. والعودة السريعة تكشف عن وجود اتجاه لدى الدول الثلاث الكبرى في تسريع التحقيق والانتهاء منه قبل تآكل المدة الزمنية في 15 ديسمبر/ كانون الأول. فهل لهذه العجلة من معنى؟

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً