يطرح تقرير ديوان الرقابة المالية أمام الرأي العام، وقريبا ستتجه الأنظار إلى مجلس النواب لمعرفة مدى التفاعل والاستفادة مما ورد في التقرير. فديوان الرقابة المالية استطاع إصدار أول تقرير له العام الماضي بعد عام من إنشائه، وها هو يصدر التقرير الثاني ويتوسع في نشاطاته هذه المرة ليطول الشركات الكبرى، مثل بابكو وألبا. ففي العام الماضي ركز التقرير على الوزارات وتناول بنك الإسكان والأوقاف بشكل ملحوظ، وفي هذا العام دخل في تفاصيل أخرى. على أن مجلس النواب لم يستفد من التقرير كما ينبغي في العام الماضي، كما أن الملفات لم تتحرك كما توقع المراقبون من خلال النيابة العامة بالنسبة إلى الموضوعات التي وردت فيها تجاوزات واضحة وتحدث عنها تقرير العام الماضي. التقرير يتطرق إلى التدقيق الحسابي، وإلى التدقيق في مدى التزام الوزارات والمؤسسات بالنظم، ويتطرق أيضا إلى تدقيق الأداء لمعرفة ما إذا تمكنت تلك الهيئات من تحقيق الأهداف التي أعلنتها ضمن خطة الإنفاق. مما لاشك فيه أن إصدار التقرير يعتبر حافزا للجميع للدفع نحو مزيد من الشفافية، وخصوصا أن جلالة الملك قدم دعمه لنشاط الديوان وفسح المجال أمامه لدخول أية مؤسسة تقع تحت تصرف الحكومة. وفي الفترة الأخيرة، شهدت كل من ألبا وبابكو تغييرات في إداراتها العليا وجاءت تلك التغييرات بعد الحديث عن دخول ديوان الرقابة إلى تلك المؤسسات، وبعد أن تطرق بعض أعضاء مجلس النواب إلى عدد من القضايا المتصلة بهاتين المؤسستين. قد يكون مجلس النواب معذورا في السنة الماضية في عدم الاستفادة الكاملة من التقرير، لكنه لن يكون كذلك في هذا العام، وخصوصا أن هذه آخر دورة له قبل الانتخابات المقبلة في العام .2006 النواب أمامهم تقرير يحتاج إلى متخصصين لتفكيك عباراته وأرقامه، ويحتاج إلى مزيد من التفاصيل. وعلى رغم أن ديوان الرقابة ليس تابعا إلى البرلمان فإن النواب يستطيعون تشغيل ما لديهم من آليات لتسليط مزيد من الضوء على ما جاء في التقرير، ويستطيعون أيضا مساءلة الوزارات والهيئات بصورة مباشرة. وقد حث جلالة الملك مجلس النواب في مطلع الشهر الماضي على أن يوسعوا نشاطهم ليشمل مناقشة برامج الوزارات، ويمكنهم أن يستفيدوا من هذا التوسيع في الصلاحيات ليطرحوا الأسئلة الكثيرة التي وردت والتي لم ترد في تقرير الرقابة المالية. لقد أعطانا ديوان الرقابة المالية تقريرا للمرة الثانية منذ إنشائه وهو جهد مشكور وخطوة إلى الأمام، ويحسب للبحرين أن لديها جهازا رقابيا. ولكن الجهاز الرقابي شأنه شأن بيوت الخبرة والشركات المحاسبية التي تصدر تقاريرها السنوية وتسلمها إلى الجمعيات العمومية للشركات. وبالنسبة إلى الوطن، فإن الجمعية العمومية تتمثل في ممثلي الشعب الذين يمارسون دورهم في البرلمان، وتقع على عاتقهم مسئولية وطنية كبيرة، وهي الحفاظ على المال العام، هؤلاء لديهم الآن صلاحيات أكثر من الماضي، وتجربة أطول، فعليهم الاستفادة منها لكي يتوسع مجال عملهم أكثر في المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1154 - الأربعاء 02 نوفمبر 2005م الموافق 30 رمضان 1426هـ