في غالبية المجتمعات الإنسانية منذ أن وجد الإنسان على وجه هذه البسيطة وحتى يومنا هذا، يلجأ من يحملون زهوا بأنفسهم ويرون أنهم هم الأقوياء وكل من دونهم ضعفاء وفي أسفل سافلين إلى الاستقواء على أولئك الضعفاء من القوم لإظهار قوتهم وإبراز عضلاتهم المفتولة. والكثيرون في مجتمعاتنا ممن باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان وعرضوا ضمائرهم في سوق النخاسة يتسلقون على ظهور الآخرين بغية الوصول إلى مراميهم وتحقيق أحلامهم التي يصبون إلى تحقيقها على أرض الواقع على حساب غيرهم. وتعج التجربة البرلمانية الوليدة في البحرين التي بدأت في العام 2002 بنماذج لا تحصى من التسلق على ظهور الآخرين والاستقواء على الأضعف، فالكثير من النواب وصل إلى قبة البرلمان بعد مشوار طويل لا يعلم به إلا الله والراسخون في العلم، فمنهم من دفع الأموال الطائلة لثني الآخرين عن منافسته في الانتخابات، وشريحة أخرى منهم وعدت الناخبين بتغيير مستوى حياتهم وجعلهم يعيشون في رفاهية، وما إن وصل ذلك المرشح إلى القبة حتى تناسى كل شيء، ونسي من وقف معه، بل وتناسى الوعود التي قطعها على نفسه لتحسين معيشة ناخبيه. الحلقة الأضعف، عبارة لها معنى كبير لدى شريحة كبيرة من أعضاء مجلس النواب، فهي تعني الاستقواء على وزير "لا يهش ولا ينش" بإمساك بعض الأوراق ضد تجاوزات في وزارته والتلويح بنشر الغسيل على الملأ واستخدام الوسائل الرقابية التي كفلها الدستور للنواب، وفي نهاية هذه الدراما يتم التوافق بين الطرفين وكأن شيئا لم يكن بعد أن تنازل الوزير ولبى رغبات ذلك النائب بتوفير بعض الخدمات لأهالي دائرة النائب، أو أوجد وظيفة لبعض أقربائه، الحلقة الأضعف تعني في قاموس النواب الاستقواء على المسئولين الذين لا حول لهم ولا قوة والتغاضي عن علية القوم، الحلقة الأضعف تعني ابتزاز وزير أو مسئول حكومي وجرجرته تلبية لرغبات شخصية والتغافل عن الهم الأكبر الذي أوجد من أجله المجلس وهو التشريع والرقابة.
العدد 1153 - الثلثاء 01 نوفمبر 2005م الموافق 29 رمضان 1426هـ