لاشك أن المجلس النيابي القادم سيكون (وفي جميع الأحوال) أحسن بكثير من المجلس الحالي من حيث التجربة والخبرة والنوعية أيضا... ويختلف عنه كثيرا في اللون والطعم والشكل.
المجلس الحالي أتى بعد توقف دام لفترة ثلاثين سنة، ودخله أناس بعضهم ممتاز وبعضهم جيد وبعضهم مقبول والبعض منهم فقط تكملة عدد (لا أكثر ولا أقل)... ولكن في الغالبية لم نر منهم أية بادرة صحية قوية تجاه المجتمع... ولم نلاحظ أنهم أمسكوا بطرف خيط (فقط بطرف الخيط) لأية قضية حتى وإن كانت واضحة وضوح الشمس وارتكبها أحد المتجاوزين في حق المملكة والمجتمع البحريني أو في حق المال العام.
من أول قضية تسلموها... وهي قضية التلاعب في أموال التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد... وحتى آخر القضايا، كانت دائما ما تجري مناقشات ساخنة ثم تشكيل لجان تحري وتدقيق ثم عرض صوري (منقول بالإخراج الجيد في التلفزيون) لخطابات وكلمات ثورية يتبعها ضحك ومصافحة وقبلات على الخدين ما بين أعضاء لجنة التحقيق النيابي وبين المسئولين عن تلك التجاوزات... ثم وفي الأخير تعتيم كامل على ما حصل بعد ذلك بين الكواليس.
النواب الحاليون يمثلون مناطق انتخابية فيها الكثير من البشر الذين وثقوا فيهم وأعطوهم أصواتهم وانتخبوهم ليكونوا ممثليهم في السلطة التشريعية، وهؤلاء البشر (الناخبون) لهم طلبات كثيرة ومتنوعة في رقبة وحوزة السلطة التنفيذية، وقد كانوا يأملون من نائبهم في مجلس النواب أن يمثلهم خير تمثيل ويأتي لهم ببعض (وليس كل) طلباتهم على الأقل... فهل هو واقعي وفي ما مضى من عمر المجلس النيابي قد فعل ذلك؟
الأسئلة التي سيطرحها صاحب الصوت قبل أن يعطي صوته مرة ثانية للنائب نفسه والذي سبق وأن صوت له في الدورة الانتخابية الماضية هي في مجملها أسئلة واضحة وصريحة ومباشرة: هل نفعني هذا النائب في شيء أم نفع نفسه؟... هل تكلم عن زيادة في راتبي أم تكلم فقط عن مقدار امتيازاته المالية؟... هل أرجع لي حقوقي التقاعدية بعد أن أمضيت وأفنيت سنوات عمري في خدمة البلد أم أن نائبي تكلم فقط عن مقدار حقوقه التقاعدية بعد فقط أربع سنوات رزة في المجلس؟... هل وهل وهل؟
أسئلة كثيرة ستدور في رؤوس الناخبين وتطرح قبل أن يدلوا بأصواتهم للنائب نفسه مرة أخرى... والإجابة (بحسب ما أعتقد وبحسب ما أرى) سوف لن تكون أبدا في صالح بعض النواب.
نوابنا الأفاضل وبعد أن ضيعوا ما يقارب الأربع سنوات في مناقشة حجم رواتبهم ومخصصات السفر ونوع سياراتهم ومخصصات المكاتب وعدد المرافقين الشخصيين (البدي جارد) ورواتب التقاعد و و و... وكل ما يخصهم شخصيا، هؤلاء النواب يعتقدون الآن (يحلمون) بأن ساكني دائرتهم الانتخابية سيصوتون لهم مرة أخرى مع أنهم يعلمون بأن الناخب لا يلدغ من جحر مرتين.
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ