من السهل أن يدعي المرء انه "إسلامي"، ولكن الادعاء لا يساوي "هللة" إذا كان سلوكه بعيدا عن الأخلاق التي بعث النبي محمد "ص" لإتمامها. ومن السهل ادعاء الانتساب إلى "الاخوان المسلمين"، هذه الحركة التاريخية الفذة، وعندما تتسلم منصبا تتولى محاربة الفقراء والأعمال الخيرية، تنفيذا لأجندة أجنبية أميركية وصهيونية. ومن السهل ادعاء الدفاع عن الشباب بينما تاريخك مليء بالإساءة إلى الشباب أخلاقيا واداريا! على أن اللفظة السياسية الأكثر ابتذالا في صحافتنا المحلية هي كلمة "المستقلين"، التي تشكل أكبر عملية خداع وتزوير في السنوات الأخيرة. فعندما تتتبع أكثر هؤلاء الأدعياء، لن تجدهم غير وباء ومشروعات فتنة تعود على الوطن والمواطن بالشر والضر. الاسبوع الماضي، اطلع الجمهور على "بدعة" تفتق عنها مخ أحد هؤلاء "المستقلين": "منح كل لاعب 50 ألف دينار، وألف دينار راتبا شرفيا، وسيارة ومنزلا مؤثثا" "وستضاف إليه: خادمة فلبينية أيضا بعد العيد!". وحسنا فعل النواب حينما حاصروه بالاستهجان والتعليقات من كل جانب، فإذا كان يريد أن يسوق نفسه على الناس "الغلابة" فإن زملاءه أدرى الناس بهذه الألاعيب، كأنهم يقولون: "عاد علينه... إلعب غيرها"! هناك ميزان عدل ينبغي أن يقاس به كلام الانسان، خصوصا فيما يخص الأمور المالية: ماذا لو كان المال مالي، هل كنت سأصرف مثل هذا المبلغ على مثل هذا النشاط؟ أم انه مال عام، والمال العام كما يتعرض للسرقة، يتعرض لعمليات النصب والاستغلال النيابي و"التسخين" للدورة الانتخابية بهذه الصورة المكشوفة؟ وهل هكذا تكون عمليات المزايدة "الشريفة"؟ المراهنة هنا على وعي الجمهور، فلا يكفي أن يذهب أحدهم إلى المسجد ليصلي في الصف الأول، ليمنحوه صوتهم، فما أكثر اللحى المزورة في هذا الزمن الرمادي. وفي هذه الحالة عملية تمثيل وضحك على الناس، خصوصا انك أمام أحد خريجي مدرسة بغداد! النائب لم يكن حريصا على مصلحة اللاعبين، بدليل أدائه المضاد للاعبين وطموحاتهم في الأندية التي عمل فيها، كما يقول العارفون بالشأن الرياضي، على رغم عمليات التجميل التي يتصدى لها بعض الصحافيين لتلميعه في الفترة الأخيرة، وإبرازه في صورة من يدافع عن الشباب! لعبة "انتخابية" مكشوفة للجميع... ليته يلعب غيرها! وهناك لعبة أخرى، يمارسها "مستقل" آخر، كرس نفسه لإثارة كل ما من شأنه إثارة الفتنة وتأجيج الطائفية، وعندما تكلمه ناصحا يقول كما تقول راقصة الكباريه: "الجمهور عاوز كده"! فباسم الجمهور الذي انتخبه، أصدر فيلما "مخابراتيا" لعرضه على اللجنة الدولية في جنيف قبل أشهر، تعرض فيه لنضالات شعب البحرين وكفاح قواه السياسية الحية الساعية لقيام دولة يحكمها العدل والقانون والمساواة. آخر مزايدات النائب المكشوفة، اقتراح بتشريع يجرم رفع صور أو رموز لأشخاص لا ينتمون إلى البحرين! وهذا الاقتراح "الأمني" مهلهل بدرجة كبيرة، وفيه الكثير من الثغرات، إذ سيورط البحرين في علاقاتها الثنائية مع عدد من الدول الأخرى، على رأسها الامارات العربية الشقيقة التي يحظى رئيسها الراحل الشيخ زايد آل نهيان، بمحبة وشعبية واسعة في البحرين، فنرى صوره الزاهية على الكثير من سيارات المواطنين. كما سيورط بلدنا مع دولة شقيقة أخرى، يرفع جزء من المواطنين البحرينيين صور رئيسها الشاب بشار الأسد. فهل انتبه سعادة النائب لهذه الثغرات "القانونية" في مشروعه الوطني الجديد؟! وعلى النائب أيضا أن يضمن مشروعه ما يضمن له الإفلات من الاصطدام بالشريحة الأوسع في البلاد: الرياضيين. فلا يمكن أن تقنع الشباب بالتخلي عن صور الساحر البرازيلي رونالدينو، أو ملك الكرة الفرنسي زين الدين زيدان، أو المدافع "البولدوزر" ادريانو! أحد المحررين الرياضيين علق قائلا: "لو تعرض المشروع المذكور للرياضيين لتعرض صاحبه للاغتيال"! فئة أخرى سيصطدم بها النائب "المستقل"، هي الفئات الشبابية ذات التوجه اليساري، التي تحرص على رفع صور شخصيات أممية مثل تشي غيفارا، على رغم مرور أربعة عقود على مصرعه، اعتزازا بقصة كفاحه في إسقاط حكم باتيستا الرجعي في كوبا مع فيدل كاسترو العام .1959 ولا أعتقد أن النائب يعرف هذا الاسم ولا هذه المعلومات، وبالتالي عليه أن ينتبه إلى من يستعديهم سعادته باقتراحه! الصورة الأخيرة، ربما هي مربط الفرس، صورة شاب لبناني عربي مسلم، استطاع مع بضعة آلاف من مواطنيه، إلحاق الهزيمة بالجيش الصهيوني وطرده من جنوب لبنان، وهو لا ينام مع عائلته منذ سنوات طويلة، يلاحقه الموساد والـ "سي آي ايه"، وهو على رأس قائمة المطلوبين أميركيا في هذا الزمن الأغبر، لأن "عندنا ثارات كبيرة لديه"، كما قال أحد مسئولي الخارجية الاميركية قبل عامين! هذا "الرمز العربي المسلم" أصبح بحسب المقترح الجديد "رمزا أجنبيا"! وأصبح رفع صورته يسيء إلى سمعة الوطن! بلد مفتوح، تياراته الشعبية منفتحة على مختلف تيارات الفن والسياسة والثقافة و... في العامل، ويراد له أن يعيش متقوقعا في الجحور الصغيرة مثل الضباع المتوحشة، وهي آخر علامات "الإفلاس الاكتواري" لدى طبقة السادة النواب "المستقلين"!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ