تثير منطقة الصحراء الغربية منذ أمد بعيد أزمة كبيرة بين الصحراويين والحكومة المغربية من جهة، وبين المغرب والجزائر وموريتانيا من جهة أخرى. فالصحراويون يسعون إلى الانفصال عن المغرب، والمغرب لا يريد التفريط في إقليم يحتل الرتبة الأولى عالميا في إنتاج الفوسفات. والجزائر ترى في ضم إقليم الصحراء للمغرب تشجيعا لمطامعه التوسعية على حسابها وموريتانيا ترى في ضم نصيبها من الصحراء توحيدا للمجموعة البيظانية. طبعا "الراعي الرسمي" لهذه الأزمة كان الاحتلال، ففي مؤتمر برلين "1884- 1885" أقرت الدول الأوروبية بسيادة إسبانيا على منطقة الصحراء الغربية التي ستعلنها مدريد في وقت لاحق محافظة إسبانية لتقيم بها سلطة محلية. واستمر الوضع المعقد حتى بعد خروج المحتل الإسباني، إذ ظلت هذه الدول في معارك متبادلة مع بعضها، ويعاني سكان الصحراء حتى اليوم من هذه الأزمة بأشكال متعددة منها الاعتقال والترحيل وأقساها القتل على أيدي الشرطة المغربية. ومن أوضح آثار مشكلة الصحراء المعارك الدبلوماسية والميدانية بين المغرب والجزائر والتي يشعر المواطن العربي وهو يسمعها أو يقرأها بإحدى مآسينا التي نجح المحتلون في "غمرنا" بها، إذ يصل الأمر بين الدولتين إلى الاتهامات العلنية والقطيعة بين الحكومتين بسبب المشكلة وعدم المقدرة على التعامل معها بحكمة. تقدمت الأمم المتحدة وقدمت المبادرات التي أصرت جميعها على أن الحل لأزمة الصحراء الغربية دبلوماسي وليس عن طريق القتال، وتجرى المناقشات التي كان أهم نتائجها قبول المغرب منح الصحراويين الحكم الذاتي، ولكن يبقى هذا أمر يراوح مكانه. هل الأزمة بهذه الدرجة من الصعوبة وتبقى حالها حال كثير من صراعات الدول العربية فيما يتعلق بالحدود بينها غير قابلة للحل أو إذا تم التوصل فيها إلى حل لا يحدث ذلك إلا بعد خسائر جمة وعلى جميع الأصعدة؟ لماذا لا يكون هناك تفكير سياسي إنساني وتحل الأزمة حتى نتمكن من التفكير في قضايانا الأهم ونسعى للتنمية الحقيقية لبلداننا العربية؟ لماذا يا عرب
إقرأ أيضا لـ "خليل الأسود"العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ