العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ

ديوان الرقابة المالية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تنص المادة 116 من دستور مملكة البحرين "الصادر في 2002" على انشاء ديوان للرقابة المالية يكفل القانون استقلاليته، و"يعاون" الحكومة والنواب على رقابة تحصيل ايرادات الدولة وانفاق مصروفاتها في حدود الموازنة، ويقدم الديوان تقريره سنويا الى الحكومة والنواب. المادة غامضة نوعا ما، ولكن التفسير لها من خلال اللوائح والقوانين تقول ان ديوان الرقابة المالية يلحق بالديوان الملكي مباشرة، وهو مسئول أمام جلالة الملك فقط، وأن مجلس النواب لايستطيع استجواب رئيس مجلس الرقابة، أو إصدار أوامر محددة له، لكن رئيس مجلس الرقابة المالية يحضر الجلسة التي تتم فيها مناقشة التقرير السنوي للاستماع الى مداولات النواب. وجريا على العادة التي بدأها ديوان الرقابة المالية العام الماضي، فقد تم تسليم التقرير الى جلالة الملك قبل عدة ايام، وسلم يوم أمس الى سمو رئيس الوزراء، وسيسلم إلى رئيس مجلس النواب ربما بعد العيد. وبعد ذلك سيتم تحويله الى لجنة الشئون المالية والاقتصادية، وبعدها "ربما" يطرح النواب بعض الآراء بشأن التقرير بصورة "هادئة" وربما من دون ان يحركوا أيا من الملفات كما كان العام الماضي. ولو قارنا الدستور الحالي بما كان عليه دستور 1973 فسنجد ان المادة 97 من الأخير تنص على انشاء ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله، ويكون ملحقا بالمجلس الوطني. والفرق بين الدستورين هو إلحاق الديوان بالمجلس الوطني بحسب دستور ،1973 في مقابل الحاقه بالديوان الملكي بحسب دستور .2002 ولكن في كلتا الحالتين لا يحدد الدستور الجهة التي تعين او تعزل رئيس الديوان، كما لا يحدد الدستور الهيئات التي تخضع للرقابة. وفي كلتا الحالتين فان النص يتحدث عن "معاونة" الحكومة والبرلمان في الرقابة. وفي الوقت الذي يمكن اعتبار عمل المجلس "خطوة اصلاحية مهمة على طريق الشفافية"، فانه ينبغي لنا ان ننظر الى الممارسات التي تضبط المال العام في الدول الاخرى لنتعلم منها. فلو أخذنا الدول العبرية "إسرائيل" التي نتصارع معها منذ انشائها بعد الحرب العالمية الثانية على حساب مصالح العرب والمسلمين، فاننا سنجد حالا متطورة من الرقابة على اموال دولتهم. فلديهم مراقب عام، وهذا المراقب يتم اختياره عبر الاقتراع السري داخل البرلمان، ويكون مسئولا امام البرلمان، ولايجوز عزله الا بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان. اما مهمات المراقب العام فهي واسعة وتشمل مراجعة الوضع الاقتصادي للبلاد والممتلكات والعقارات والاوضاع المالية والالتزامات وادارة الدولة، بالاضافة الى فحص قانونية وكفاءة الاداء الاقتصادي واية امور اخرى تتصل بالمال العام، منعا لتداخل المصالح الخاصة مع المصالح العامة. ويستطيع المراقب العام ان يحل "ضيفا غير متوقع" على كل مؤسسات الدولة ووزاراتها وعلى كل الشركات التابعة للقطاع العام، وبعد ذلك يقدم المراقب العام تقريره الى البرلمان. والاشارة الى "اسرائيل" انما للاستفادة من الحكمة من أي وعاء خرجت، والا فان جميع الدول المتقدمة لديها اجهزة مماثلة ومتطورة في الصلاحيات ومسئولة امام ممثلي الشعب. ربما اننا في البحرين مازلنا في بداية الطريق، وربما ان المحاسبة فيما لو تسلمها البرلمان فانه "سيسيء استخدامها"، كما يطرح بعض المقربين من الجهات الرسمية. والبعض يشير الى عدد من البرلمانات العربية، مثل الكويت، التي يقوم الاعضاء باستخدام تقارير الرقابة في تسجيل النقاط واثارة القلاقل. وكان البرلمان الكويتي قبل عدة أشهر قد حاول التحرش بالنائب الثالث لرئيس مجلس الوزراء بشأن بعض الامور التي وصلت له، ولكن الحكومة سارعت الى ادخال المحكمة الدستورية التي حكمت بعدم دستورية مساءلة النواب في القضايا التي طرحوها. إن ديوان الرقابة المالية يعتبر من الأعمدة الأساسية للنظم الديمقراطية، وذلك لأنه معني أساسا بحفظ المال العام ومكافحة الفساد الإداري والمالي، وهذا محور أساسي في المسعى الاستراتيجي نحو الشفافية التي لا يمكن ان نتقدم الى الامام من دونها. وأملنا ان يستفيد النواب من عمل ديوان الرقابة بهدف تطوير الممارسة الديمقراطية التي بامكانها ان تتوسع من خلال العمل الوطني المسئول الذي يجب ان نشارك فيه جميعا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً