أصبحت فرنسا الدولة العلمانية التي تقوم أساسا على منهج فصل الدين عن الدولة مؤهلة إلى خوض معركة حاسمة داخل الحزب اليميني الحاكم لتشهد منافسة بين طرفين احدهما مؤيد لبقاء قانون العلمنة الذي اعتمد إبان العام 1905 ويحكم بفصل تدخل الكنيسة عن الدولة. .. وآخر معارض يسعى دوما إلى زحزحة القانون المقيد في إطلاق يد الدولة على تمويل دور العبادة للمسلمين بهدف - وفقا لما ذهب إليه صاحب مقترح التغيير وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي - مراقبة الدولة لتحرك المتشددين الإسلاميين الذين يخرجون من رحم تلك المؤسسة الدينية حتى تتجنب باريس من الوقوع في فخ الهجمات التي كانت أميركا وبريطانيا وإسبانيا أولى ضحاياها. ومن ابرز أطراف المعارضة للتغيير الذي ينوي ساركوزي إحداثه، الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الحكومة الفرنسية دومنيك دوفيلبان بحجة أن القانون الحالي يشكل إحدى ركائز ميثاقهم الجوهرية وان تعديله ليس مدرجا على جدول الأعمال. أصداء التغيير لاقت ردود فعل متناقضة بين الجهات المعنية فقد أعرب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية دليل أبوبكر عن تمسكه بقانون 1905 مع إبداء رغبته بالتوصل إلى تدابير فاعلة وملائمة لتمويل الديانة الإسلامية، إلا أن مدير مسجد ليون كمال قبطان أشاد بمبادرة ساركوزي. التنازلات التي من المتوقع أن تطرحها فرنسا وتطبقها مستقبلا بهدف مكافحة الإرهاب على رغم الثوابت القانونية الدستورية التي مرت على وضعيتها قرابة قرن كامل... دليل على عزم الدول الأوروبية على عمل المستحيل لتقويض مساعي الإرهابيين الذين قرعوا أجراس الإنذار لتعلن بقية الدول الأوروبية المرشحة للتعرض لهجمات محتملة إلى إجراء تعديل جوهري وجذري في نصوص قوانينها بهدف كبح جماح الإرهاب وحماية المواطن الذي هو الركيزة الجوهرية في بناء الدولة
العدد 1150 - السبت 29 أكتوبر 2005م الموافق 26 رمضان 1426هـ