مؤشر "الشفافية" الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية هذا العام قال إن البحرين انخفض مستواها عن الدول الاخرى، وان هناك ثلاث دول خليجية تتقدمنا. ولعلنا في البحرين لم نتغير كثيرا عن السنوات الماضية ولكن الدول الاخرى تحسن وضعها وبدأت تصعد في المؤشرات الدولية. الشفافية تعطي قياسا لمدى انتشار الفساد أو عدم انتشاره، وفيما إذا كانت هناك حرية للتعبير تسمح بالحديث عن الممارسات الفاسدة، وفيما اذا كانت هناك حماية لمن "يعلق الجرس" ويخبر الآخرين عن فساد في هذا الموقع أو ذاك، وفيما اذا كانت هناك إجراءات عادلة وحكم للقانون يطبق على الجميع من دون استثناءات. ولعل احدى المشكلات التي نعاني منها هي "عقدة الاسبقية"، واننا "اول" دولة خليجية في كل شيء. وهذا الحديث كان صحيحا حتى منتصف السبعينات عندما كانت كل الدول الخليجية تنظر الى البحرين على اساس انها متقدمة في الخدمات وفي الاعتماد على موقعها الاستراتيجي كمعبر تجاري وكمحطة لا يمكن الاستغناء عنها لاجراء مختلف انواع المعاملات والاتصالات. منذ منتصف السبعينات دخلت البحرين تحت اجراءات قانون أمن الدولة، وازداد دخلها من النفط، ونتج عن ذلك انعدام حرية التعبير من الناشطين ومن اية جهة ناقدة. كما تمت السيطرة على القطاع الخاص، واصبح الوجهاء والتجار يحرصون على المحافظة على ارزاقهم بعد ان اصبحوا يعتمدون اساسا على مناقصات الدولة، وبالتالي فإن على هذه الفئة من الناس ان تخضع، كما خضع غيرها. جاء المشروع الاصلاحي ليعيد القوة إلى البحرين عبر اطلاق الحريات العامة وعبر إعادة الدور المرموق الذي كان يلعبه الوجهاء والتجار الذين كانوا يتحركون في حياتهم كشخصيات لها رأي معتبر. وفعلا، فانه بفضل الاصلاحات بدأت الامور تتحسن، ولكن ليس بالسرعة المطلوبة. البحرين بحاجة الى تسريع الاصلاحات، لأن العالم من حولنا لا يعترف بالسرعة السلحفاتية التي نسير عليها حاليا. فنحن في البحرين نتحدث عن الافكار وعن المشروعات ونطلق التصريحات، ولكن الامور تسير ببطء شديد، بل وقاتل للطموح في أحيان كثيرة. هذا في الوقت الذي يقوم الآخرون بتنفيذ الخطوات الاصلاحية المطلوبة بشكل سريع يتناسب مع ما تفرضه الاجواء الدولية المتجهة نحو الاصلاح الاقتصادي والاصلاح السياسي. ان تسريع الاصلاحات الادارية والاقتصادية والسياسية يحتاج إلى أكثر من اعلان النوايا الحسنة، ويحتاج إلى أكثر من التصريحات. ان التسريع يحتاج إلى العمل كفريق واحد من أجل البحرين، ولكي نعمل كفريق واحد علينا ان نمد جسور الثقة ونفسح المجال أمام تشخيص المشكلات والعقبات ومن ثم اتخاذ الخطوات الجريئة والمعبرة عن إرادة مشتركة لاتلين امام الصعاب ولا تنظر إلا إلى المستقبل الذي لن يرحم من يتخلف عن امتلاك القدرات اللازمة للصعود بمستوى الاداء العام الى المستوى الذي تطرحه المنتديات الدولية، ومن بينها "منتدى المستقبل" الذي سيجمع أكثر من ثلاثين وزير خارجية الشهر المقبل في المنامة ليتحدثوا عن امور مهمة، وعلى رأسها الشفافية ومكافحة الفساد
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1150 - السبت 29 أكتوبر 2005م الموافق 26 رمضان 1426هـ