حذر خبير مصرفي من خطورة الاوضاع في أسواق البورصات الخليجية، خصوصا أن دول الخليج العربية تشهد نموا غير مسبوق في اقتصاداتها وأسواق الأسهم. وأعرب عن أمله أن يكون هذا النمو مصدره نمو اقتصادي حقيقي ومبني على أمور صحيحة وسياسات اقتصادية واقعية. وذكر خالد الروضان من المركز الاستراتيجي للدراسات العالمية ان البورصات محمومة وقد تحتاج إلى قوة لتبريدها. مشيرا الى ان السؤال المطروح حاليا ليس هل تنفجر فقاعات أسواق البورصات الخليجية، ولكن السؤال هو متى تنفجر وكم سيكلف ذلك؟ وقال الروضان إن مؤشر سوق الأسهم السعودية "التداول" قفز بنسبة تبلغ نحو 540 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية وزادت بورصة الكويت بنسبة 560 في المئة بينما قفزت سوق الأسهم في دبي بنسبة 1024 في المئة. وأضاف ان المزايدة في القيمة في أسواق الأسهم تطرح اتجاها مقلقا ومن الضروري وجود سياسة نقدية لتشديد الرقابة على تدفق الأموال وتبريد اقتصادات دول الخليج في المدى القصير.
الوسط-عباس سلمان
قال مصرفي إن دول الخليج العربية تشهد نموا غير مسبوق في اقتصاداتها وأسواق الأسهم والأمل أن هذا النمو مصدره نمو اقتصادي حقيقي ومبني على أمور صحيحة وسياسات اقتصادية واقعية. وذكر خالد الروضان من المركز الاستراتيجي للدراسات العالمية في واشنطن أنه في حين أن معظم الشركات المسجلة في بورصات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لديها سجل قوي فإن المعلومات التاريخية ضعيفة لتحليل النمو القوي. وأضاف في جميع الحسابات، "فإن البورصات محمومة وقد تحتاج إلى قوة لتبريدها. والسؤال ليس هو هل فقاعات أسواق البورصات الخليجية ستنفجر ولكن متى وكم سيكلف". وقال الروضان إن الاقتصادات وأسواق الأسهم دوارة وأن التصحيحات في الأسواق معروفة في معظم الاقتصادات العالمية وأن دول الخليج ليست بعيدة ولكن عاقبة "انفجار" فقاعات اقتصادات دول الخليج لديه مضامين استراتيجية على دول الخليج.
أسواق أسهم دول الخليج العربية
وتطرق الروضان إلى البورصات الخليجية فقال إن مؤشر سوق الأسهم السعودية "التداول" قفز بنسبة تبلغ نحو 540 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية - من شهر يونيو/ حزيران العام 2001 إلى شهر اكتوبر/ تشرين الأول العام ،2005 وزادت بورصة الكويت بنسبة 560 في المئة - من اكتوبر العام 2002 إلى اكتوبر العام ،2005 بينما قفزت سوق الأسهم في دبي بنسبة 1024 في المئة. وأضاف من المهم ملاحظة ان القيمة السوقية لكل سوق من أسواق الدول الست تمثل نسبة مئوية كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي إذ تصل إلى 18 في المئة كأدنى حد في سلطنة عمان و143 في المئة كأقصى حد في الكويت. هذه الأرقام تؤكد أهمية أسواق الأسهم في دول الخليج لمعرفة أسعار النمو في الآونة الأخيرة في اقتصادات هذه الدول. ومن المهم في السياق ذاته ملاحظة ان في العام المحصور بين 2004 و2005 - ما عدا البحرين ودبي - فإن أسواق البورصات قد تفوق أداءها في النمو في العام المحصور بين 2003 و.2004 فقد بلغ مؤشر سوق المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي 14808,12 وفي الكويت 5578,3 وفي أبوظبي 5452,30 وفي قطر 8846,03 وفي البحرين 1490,71 وفي سلطنة عمان .2050,53 وبالإضافة إلى ذلك وطبقا لبنك الراجحي السعودي فإن القيمة السوقية لأسواق دول الخليج العربية صعدت بنسبة 92 في المئة بين شهر سبتمبر/ أيلول وشهر يناير/ كانون الثاني العام 2005 ووصلت إلى أكثر من تريليوين دولار اميركي في 29 سبتمبر العام 2005 مقابل 543 مليار دولار في 31 ديسمبر/ كانون الأول العام 2004 و119 مليار دولار. وساهمت المملكة العربية السعودية بنسبة 55,8 في المئة من مجمل الزيادة والباقي جاء من دبي 21 في المئة والكويت 10,8 في المئة وقطر 9,5 في المئة والبحرين 1,6 في المئة وسلطنة عمان 1,2 في المئة.
شواهد على المزايدة في القيمة
وأوضح الروضان أن أسواق الأسهم في دول الخليج شهدت إصدارات أولية "IPOs" مثل الشركة السعودية للاتصالات و"دانة غاز" في دولة الإمارات العربية المتحدة إذ تمت تغطية الأسهم المطروحة بكثافة من قبل المستثمرين في هذه الشركات. ومثالا على ذلك فإن أسهم "دانة غاز" تمت تغطيتها بنسبة 140 في المئة في أوائل شهر اكتوبر العام .2005 وطبقا للبنك السعودي الأميركي "سامبا" في إصدار أولي للأسهم في الآونة الأخيرة في السعودية فإن اسهم الشركة السعودية للاتصالات غطيت بنسبة 2,4 مرة وغطيت شركة صحارى للبتروكيماويات بنسبة 124 مرة والاتحاد للاتصالات 50 مرة. وبالإضافة إلى ذلك فإن أسواق أسهم دول الخليج العربية تقدم نسبة عالية غير اعتيادية بالنسبة إلى دخل السهم. وفي الربع الأول من العام الجاري بلغ دخل السهم في البورصة السعودية نسبة بلغت نحو .39 وفي شهر مارس/ آذار صعد دخل السهم في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى .47 ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن دخل السهم في القطاع هو أعلى من ذلك. وطبقا لـ "سامبا" فإن دخل السهم في الربع الأول من العام 2005 في قطاع الزراعة بلغ 88,6 والكهرباء 71,3 والخدمات 54,2 والتأمين 34,2 ومن الأهمية بمكان مقارنة هذه الأرقام بدخل سهم "داو جونز" البالغ نحو .20 ويتساءل كثير من الخبراء هل أن النمو سببه قوى حقيقية في السوق أو علامة على "ضخامة غير منطقية" من قبل المستثمرين في دول الخليج والعالميين. وكما هو في معظم النظم الاقتصادية المعقدة فإن النمو في أسواق اسهم دول الخليج العربية ناتج لعدة حقائق. ليس هناك قياس أو تحذيرات من انهيار من اقتصادية أو في أسواق الأسهم. قليل من الناس، إن وجدوا، توقعوا تراجع سوق الأسهم الأميركية في التسعينات والأزمة الاقتصادية الآسيوية في العام 1997 ولكن الوضع انفجر في النهاية. التوقيت والخسائر المادية واستعادة النشاط يبقى مشكوك فيه. المزايدة في القيمة على ما يبدو في أسواق الأسهم في دول الخليج العربية - ممثلة في ارتفاع نسبة دخل السهم - والنمو غير المسبوق في القيمة السوقية تطرح اتجاها مقلقا وقد يكون من الضروري وجود سياسة نقدية لتشديد الرقابة على تدفق الأموال وتبريد اقتصادات دول الخليج في المدى القصير. غير أنه إذا تركت هذه الفقاعات تنفجر بنفسها قد يكون لها نتائج اقتصادية واستراتيجية طويلة المدى. والنتائج لتصحيح للسوق غير مفهومة بالكامل نتيجة لعدم وجود بيانات تاريخية لأسواق الأسهم في دول الخليج العربية وأن قوانين وأنظمة سوق رأس المال وضعت حديثا وان اقتصادات دول الخليج بدأت حديثا في الانفتاح وأن صحة اقتصادات دول المنطقة تعتمد بشكل رئيسي على أسعار النفط المتقبلة. ومن الأهمية بمكان معرفة القوى التي تحرك هذه النشاطات لوضع سياسة لمواجهة هذه التوجهات بالإضافة إلى أنه من الأهمية أن يتم العمل بهذا قبل إصدار العملة الموحدة والمقرر أن تتم في العام 2010 أو قبل جهود لفتح اقتصادات دول الخليج من خلال الاتفاقات التجارية.
أسباب "التضخيم"
قد تختلف اقتصادات دول الخليج عن غيرها والتي واجهت فقاعات في اقتصادها وسوق الأسهم ولكنها ليست مختلفة بالكامل. ومع توقع باستمرار بقاء أسعار النفط مرتفعة في المستقبل المنظور والمتلازم مع اعتماد اقتصادات دول الخليج على النفط بشكل كبير فإن دول الخليج العربية قد تشهد نسبة نمو متوسطة إلى مرتفعة في المستقبل القريب. ولكن المشكلة أن النمو الحالي في أسواق دول الخليج العربية هو "أسمي" وهناك برهان بسيط جدا بأن هذا النمو بني على تغييرات اقتصادية هيكلية.
أسباب النمو في السنوات الخمس الماضية
أولا: أن اقتصادات دول الخليج وعلى رغم الجهود لتنويعها لاتزال معتمدة بشكل رئيسي على النفط وقطاع البتروكيماويات. ويمثل دخل النفط لمعظم اقتصادات دول الخليج العربية نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي، أو نسبة 75 في المئة من الموازنة، ونحو 90 في المئة من دخل الصادرات. وخلال الخمس سنوات الماضية ارتفع سعر برميل النفط بنسبة تبلغ نحو 108 في المئة. وبالإضافة إلى صعود أسعار النفط فإن الطلب العالمي على النفط زاد من 78 مليون برميل يوما في العام 2001 إلى 82,4 مليون برميل يوميا في العام .2004 وطبقا لهيئة معلومات الطاقة "EIA" فإنه في الفترة نفسها يقدر أن الطاقة الإنتاجية لدول الخليج زادت من 14,1 مليون برميل يوميا في العام 2001 إلى 17,26 مليون برميل يوميا أو تقريبا ثلاثة أرباع من مجموع زيادة الطلب العالمي. وتقدر هيئة معلومات الطاقة أن دخل صادرات النفط السعودي بلغت 59,64 مليار دولار في العام 2001 مقابل 108,03 مليار دولار في العام 2004 ويمثل زيادة تبلغ نحو 81 في المئة. كما زاد دخل النفط في دولة الإمارات العربية المتحدة من 18,03 مليار دولار في العام 2001 إلى 28,27 مليار دولار في العام 2004 ويمثل زيادة تبلغ 57 في المئة. وفي الكويت ارتفع دخل النفط من 18,63 مليار دولار في العام 2001 إلى 25,62 مليار دولار في العام 2004 بارتفاع يبلغ 37 في المئة. كما قفز دخل قطر من النفط من 7,03 مليارات دولار في العام 2001 إلى 12,64 مليار دولار في العام 2004 بنمو بلغ 80 في المئة بينما في البحرين وهي دولة منتجة صغيرة فإن أداء سوقها الأسوأ ضمن أسواق دول الخليج العربية الست. ثانيا: نتيجة للفائض في الموازنات فقد صعد الانفاق الحكومي إلى أعلى مستوياته وأعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستستثمر الفائض في الموازنة على البنية التحتية ودفع المستحقات التي عليها لعامة الناس وتحديث النظام التعليمي. ومثالا على ذلك أعلنت الحكومة السعودية في العام 2004 أن الفائض البالغ 26,1 مليار دولار في العام 2004 سيتم إنفاقه على قطاعين إذ سيتم دفع مستحقات بمبلغ 15,2 مليار دولار والباقي سيذهب إلى تحديث البنية التحتية. وبالإضافة إلى ذلك فإن المملكة أعلنت الكثير من مشروعات الطاقة لزيادة الطاقة الإنتاجية من النفط إلى 12,5 مليون برميل يوميا بحلول العام 2009 والتي تكلف الحكومة ما يقدر بنحو 16,5 مليار دولار. كما بدأت بقية دول الخليج العربية الأخرى الانفاق على المشروعات نفسها. ثالثا: كانت هناك عودة لرؤوس الأموال الخليجية من الغرب. فقد تم نقل استثمارات عربية كبيرة من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا إلى منطقة الخليج نتيجة لمخاوف من إمكان تجميدها بسبب القوانين الجديدة بعد هجمات 11 سبتمبر وكذلك نتيجة لغزو القوات الأميركية العراق وبسبب الغضب العربي تجاه الموقف الأميركي من الانتفاضة الفلسطينية. ويبقى مجموع الأموال التي عادت من الغرب غير مؤكدة ولكنها تقدر بنحو 400 مليار إلى 800 مليار دولار. وتمت استعادة نسبة كبيرة من هذه الأموال واستثمارها في دول المنطقة. رابعا: شهدت المنطقة نموا قويا في الحصول على المعلومات خلال السنوات الخمس الماضية وبمقدور المستثمرين عمل بحوث عن الشركات الخاصة وكذلك الاقتصاد العالمي وزادت قدرتهم على التداول من خلال الانترنت بأسعار رخيصة. ولكن استخدام التقنية الحديثة زاد من صعوبة قدرة وكالات المراقبة لمراقبة أسواق رأس المال. الإشاعات حول الأسهم التي تنشر على الانترنت هي مكان مفضل ويكاد يكون من المستحيل على هيئات التنظيم مراقبتها. خامسا: دول الخليج تقوم بتحرير اقتصاداتها وخلال العام الماضي قامت البحرين بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية. كما وقت المملكة العربية السعودية اتفاقا مع واشنطن والذي بموجبه مهد الباب أمام انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية والمتوقع أن يتم قبل نهاية العام الجاري. وبالإضافة إلى ذلك فإن سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة تبحثان اقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية ومن المنتظر أن تتبعهما قطر والكويت. ومن أجل أن تتأهل دول الخليج العربية لاتفاقات التجارة قامت دول المنطقة بفتح رؤوس أموالها إلى المستثمرين الدوليين وأدخلت قوانين لرؤوس الأموال الأجنبية وسهلت دخول الاستثمارات. ولكن من المهم ملاحظة أن معظم هذه الإصلاحات قد بدأت للتو وأن آثارها طويلة الأمد ليست معروفة تماما. سادسا: هناك مظاهر على توزيع للثروة في دول المنطقة لم يحدث من قبل ومثالا على ذلك وطبقا لـ "سامبا" أن أكثر من نصف السعوديين اكتتبوا في الإصدار الأولي لأسهم بنك البلاد في أوائل العام الجاري. ويمكن القول بأن هذا يرجع إلى دخول جيل جديد من المستثمرين الخليجيين ومعظمهم صغار السن جاءوا من مختلف الطبقات ويرغبون في المخاطر. هذا لا يعني القول إن جميع المستثمرين من صغار السن ولكن تحول هذا الجيل مهم. سابعا: النمو في مؤشرات أسواق الأسهم في دول الخليج قادته الشركات الكبيرة مثل الشركة السعودية للاتصالات ودانة غاز وبنك البلاد. وطبقا لتقرير صدر عن سامبا في الآونة الأخيرة فإن نحو 45 في المئة من القيمة السوقية للشركات السعودية تأتي من ثلاث شركات وهي الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" والشركة السعودية للكهرباء وشركة السعودية للاتصالات وهذا دليل على جهود السعودية وبقية دول الخليج العربية لتخصيص القطاعات الرئيسية لاقتصاداتها مثل الاتصالات والمواصلات والكهرباء. وأخيرا فإن دول الخليج العربية تشهد مستويات سيولة عالية واسعار فائدة منخفضة وكذلك مستويات تضخم قليلة. ويظهر من المؤشرات المالية الرئيسية لدول الخليج أن الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية يبلغ 254 مليار دولار بنمو يبلغ 5,3 في المئة ونسبة التضخم 0,6 في المئة. وفي دول الإمارات العربية المتحدة يبلغ إجمالي الناتج المحلي الحقيقي 96 مليار دولار ونسبة النمو 8,5 في المئة والتضخم ثلاثة في المئة بينما في الكويت يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 41 مليار دولار ونسبة النمو 7,2 في المئة في حين ان التضخم يبلغ 1,7 في المئة. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي في البحرين 11 مليار دولار والنمو 5,4 في المئة ونسبة التضخم واحد في المئة في حين أن الناتج المحلي الإجمالي القطري يبلغ 28 مليار دولار ونسبة النمو 9,3 في المئة والتضخم 6,8 في المئة. أما سلطنة عمان فإن الناتج المحلي يبلغ 25 مليار دولار والنمو 5,3 في المئة والتضخم 0,6 في المئة وهي نسبة التضخم في السعودية نفسها. وهناك شرح واحد لانخفاض نسبة التضخم على رغم ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي وهو الاعتماد الكبير لاقتصادات دول الخليج على دخل صادرات النفط وصعود الأسعار. ومعظم النمو "الأسمي" يرجع إلى ارتفاع سعر النفط وعدم وجود ضغط التضخم. وقال الروضان هناك حقائق مهمة اعطت صورة عريضة لما جرى في اقتصادات دول الخليج العربية خلال العقد الماضي. وهذه الحقائق تستطيع التأثير على ما هو أبعد من اقتصادات دول المنطقة وأن عدم الوضوح الذي يلف أسواق السهم في دول الخليج العربية يمكن أن يضيف "عدم استقرار" في سوق النفط والأمن العالمي وكذلك الاقتصاد الدولي
العدد 1150 - السبت 29 أكتوبر 2005م الموافق 26 رمضان 1426هـ