يبدو أن واشنطن حسمت موضوع اختيار رجلها في العراق مع قرار استقبال الزعيم الكردي مسعود البرزاني على طريقة استقبال الرؤساء، الأمر الذي أثار حفيظة أنقرة ولم يثر حفيظة بغداد. ومع اختيار هذه الطريقة صار من الواضح أن البرزاني سيلعب دورا مهما في العراق ليصبح رجل بوش في مرحلة ما بعد إقرار الدستور والاستعداد للانسحاب الأميركي، خصوصا مع فشل رجلي أميركا السابقين أحمد الجلبي وإياد علاوي في إثبات ثقلهما على الساحة العراقية. بالمقابل اثبت الأكراد خلال الخمسة عشر عاما السابقة أنهم يمثلون تيار واشنطن أمام تياري الشيعة والسنة العرب في العراق الجديد، ربما لأسباب يراها الأكراد منطقية مع آمالهم بضم كركوك الغنية بالنفط قبل الانفصال عن العراق وتأسيس نواة دولتهم التي تمتد من "كردستان إيران" غربا إلى "كردستان سوريا" شرقا، ومن "كردستان تركيا" شمالا إلى ما يمكن اقتطاعه من العراق وصولا إلى مشارف الخليج العربي في محافظة العمارة "المحادية للبصرة" جنوبا "بحسب خريطة كردستان المعلنة في العراق". البرزاني الذي يتميز عن الزعيم الكردي الآخر جلال الطالباني بتاريخ عائلته المناضلة والمعارضة لكل الأنظمة العراقية منذ اربعينات القرن الماضي، عرف كيف يكون الأقرب إلى المصالح الأميركية في العراق على حساب كل الكيانات الأخرى. إن الأميركان يرون في العراق الآن ثلاث معادلات أولها العرب السنة وهم حصة الشارع العربي لأسباب يصفها الأميركان بـ "المذهبية"، وثانيها الشيعة وهم حصة إيران، بحسب رأي الأكراد وبعض العرب السنة، وثالثها الأكراد الذين يطمحون إلى دعم واشنطن لنيل انفصالهم عن العراق، ومن تركيا "المستعدة لتقديم التنازلات ثمنا للانضمام للاتحاد الأوروبي، ومن عدوي أميركا في المنطقة إيران وسورية اللتين قد يساعدهما الأكراد في لعب الدور المناسب لتأجيج أوضاعهما الداخلية ليكونا ثمنا محتملا لتحقيق حلم الأكراد في تأسيس نواة دولة كردستان "الكبرى"
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1149 - الجمعة 28 أكتوبر 2005م الموافق 25 رمضان 1426هـ