العدد 1149 - الجمعة 28 أكتوبر 2005م الموافق 25 رمضان 1426هـ

الكلام الإيراني ... وما بعده

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

لم تكن "إسرائيل" بحاجة الى ذاك الكلام المنقول من خطاب القاه الرئيس الإيراني في مؤتمر طلابي عقد تحت عنوان "عالم من دون صهيونية" لتثير موجة من الاحتجاجات الدولية ضد طهران. فتل ابيب تملك ما يكفيها من الادوات والمعدات ووسائل النقل والنشر. وهي تعرف كيف تتعامل معها وتعيد توظيفها خدمة لمشروعها الخاص في دائرة "الشرق الأوسط". كلام الرئيس محمود أحمدي نجاد كان مجرد مادة تضاف الى معزوفة ترددها تل ابيب دائما وهي: انها "مهددة" من جيران لا يريدون السلام ويخططون للانقضاض عليها. فالحكومة الإسرائيلية كانت تتصيد الفرصة وتنتظرها لتطلق سمفونية عالمية ضد إيران. لم تبق دولة أوروبية اضافة الى الدول الدائرة في الفلك الأميركي إلا وتبرعت في ابداء رفضها القاطع لمطالبة الرئيس الإيراني بشطب "إسرائيل" من الخريطة. فالكلام وردود الفعل عليه كان عملية استفتاء ارادتها "إسرائيل" قبل بدء العد العكسي لقرع طبول الحرب. "إسرائيل" دولة مخادعة وتتظاهر بالضعف والمسكنة بينما هي تملك المقومات والقدرات العسكرية التدميرية التقليدية وغير التقليدية. فالخطر الحقيقي على المنطقة يتأتى منها ولكنها نجحت في حماية قوتها من خلال التظاهر بالضعف والخوف من جيرانها. والعالم يعلم الحقيقة ويتردد في قولها. وزعماء العالم يعرفون ان "إسرائيل" دولة معتدية وتخالف قرارات الأمم المتحدة وتطمح الى لعب دور مميز تحت مظلة اميركية ممتدة من أفغانستان الى السودان ولكنهم غير قادرين على إعلان الحقيقة وكشفها امام شعوبهم. هذه الوقائع متداولة في الغرف السرية. والكل يملك معلومات دقيقة عن قدرات "إسرائيل" العسكرية والنووية والصاروخية والجوية. مضافا اليها قوة أميركا الضاربة واستعدادها للدفاع عن "إسرائيل" اذا تعرضت للخطر. فواشنطن بدأت منذ أكثر من 15 سنة سياسة اضعاف العرب وكسر التوازن الاستراتيجي من خلال تقويض الدول أو تطويقها بالقواعد والجيوش. هذا الأمر ليس مجرد توهمات ومبالغات بل تسنده الأرقام. فالموازنة العسكرية الإسرائيلية تعتبر الأعلى قياسا بحجم الدولة وتعدادها السكاني. وقدرات "إسرائيل" التدميرية هي أضعاف ما تملكه سورية وإيران... مع ذلك تتظاهر امام العالم بالضعف وتستنجد به لمواجهة خطر زاحف إليها من "الجيران". الولايات المتحدة تعلم أيضا ما تملكه "إسرائيل" لأنها هي التي اعطتها كل تلك القدرات والامكانات. فتل ابيب حصلت وتحصل على احدث الادوات والمعدات العسكرية التي لا تملكها الدول الأوروبية ولا جيوش الحلف الأطلسي "الناتو". فمثل هذه الدولة عليها ان تخيف الدول المجاورة بينما العالم يرى العكس: "إسرائيل" خائفة وجيرانها يهددون ويتوعدون. لم تكن "إسرائيل" بحاجة الى كلام الرئيس الإيراني لتبدأ الاوركسترا العالمية بالعزف على الحان "المحرقة" و"اللاسامية" و"التطرف الإسلامي" و"الراديكالية الاصولية". تصريح أحمدي نجاد اعطى فرصة للرئيس الأميركي أيضا بإعادة اطلاق بالونات خطابه واختبار مدى حساسيته وفعاليته في دول العالم. وكانت الردود أفضل مما توقعه. فالكل عزف اللحن الذي تريد "إسرائيل" سماعه. وهذا الأمر يشكل خطوة كافية وضرورية لخطة تغيير موجة الصوت وعكس مشاهد الصورة وإعادة بثها بالاتجاه الذي يناسبها. لم يعد المهم الآن الكلام الذي قاله الرئيس الإيراني. فهو ذكره وردده وأعلن تمسكه المبدئي به. فالمهم الآن ليس تفسير كلام أحمدي نجاد وتوقيته وهل هو رسالة قصد توجيهها ام هفوة وزلة لسان أو قلة خبرة أو محاولة اختبار لموازين القوى وجس نبض الاصدقاء وفحص مدى استجابتهم أو استعدادهم للتضحية وخوض المغامرة. كل هذه التحليلات أصبحت فرضيات. فالكلام قيل وما حصل لم يكن في دائرة الحسبان أو الانتظار. المهم الآن ماذا بعد وكيف سيكون مشهد المنطقة بعد طول انتظار؟ هذا هو السؤال

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1149 - الجمعة 28 أكتوبر 2005م الموافق 25 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً