الحوار نهج حضاري تتنوع أساليبه وتتطور بحسب البيئة السياسية والاجتماعية في هذا البلد أو ذاك، والبحرين تشهد حوارات في مجالات عدة، ومن بينها ما جرى أمس الاول اثناء اجتماع جمعية العمل الاسلامي في مأتم سار لمناقشة الآراء المطروحة بشأن التسجيل من عدم التسجيل حسب قانون الجمعيات السياسية الجديد. الحوار يبدأه البعض من خلال ضرب الامثال التاريخية، أو من خلال ما يجري في دول أخرى، وبحسب رؤية هذا المحاور أو ذاك، فان تفسير ماجرى او يجري يفسح المجال لمزيد من الحوارات. ومن الطبيعي ان يصاحب تطارح الآراء ازعاج لهذا الطرف أوذاك، لان كل جهة تود ان تطرح وجهة نظرها بصورة كاملة وشاملة من دون لبس او التباس. ولكن طبيعة النقاشات السياسية تفرض ضغوطا شتى، وهذا قد يزعج من أسيء فهمه عندما تحدث حول أمر ما. وهكذا كان مساء أمس الاول، اذ بدأ بعض المتحدثين باللجوء الى الأمثال من التاريخ، ودخل الاب الروحي لجمعية "وعد" عبدالرحمن النعيمي "ابو أمل" على خط ضرب الامثال ليطرح رأيه. واثناء ضرب الامثال، خرجت عبارات تشبه قانون الجمعيات السياسية برفع المصاحف في معركة صفين، وان ذلك كان سببا في انقسام جيش الامام علي "ع" وظهور حركة الخوارج، وأكد اثناء حديثه ان هذا ما يجب ان تحذر منه المعارضة التي يجب عليها ان تتوحد وان لا تسمح لموضوع التسجيل ان يتحول الى ما يشبه رفع المصاحف. المثال ربما يحمل مدلولا واضحا بالنسبة الى المقصد، وربما يحمل لمن يسمعه في وسط ارتفاع درجة الحوار بانه تشبيه لهذا الطرف أو ذاك بما جري في التاريخ الاسلامي. ومهما كان الامر، فانه لايشك احد في الروح الوطنية والابوية التي يمتلكها أبو أمل، وهو يحث على وحدة الصف والالتزام بالمبادئ وعدم الانجرار الى ما يفتت الصفوف، وهو موقف يقدره الجميع الى شخص أبو أمل. الازعاج والانزعاج أمران طبيعيان في العمل السياسي، وهو ما يكرره الداعون الى حرية الرأي على الحكومات لكي تتحملهم، وكذلك ما ينبغي قوله بالنسبة للنشطاء السياسيين الذين يتحركون في ساحة تعج بالآراء من كل حدب وصوب. في حوارات أمس الاول، كانت هناك مداخلات مملوءة بالأمثلة التاريخية، ومداخلات اخرى مملوءة بالنصوص القانونية، وأخرى تتحدث عن المبادئ، بينما تطرق آخرون الى الواقع وضرورة التعامل مع المعطيات كما هي وليس كما ينبغي. وفي الوقت الذي أحترم فيه كل الآراء، فانني من الذين يعتقدون بانه من الافضل لجمعية العمل الاسلامي ان تسجل رسميا وان تعمل من داخل قانون الجمعيات السياسية، ويمكنها ان تحتفظ بحقها في طرح رأيها المعارض. اما اذا اختارت عدم التسجيل، او انها فضلت ان تبقى على قانون الجمعيات الاهلية للعام 1989 فانها ستحرم على نفسها العمل السياسي، وقانون الجمعيات القديم يعطي الحق للوزير ان يحل الجمعية من دون اللجوء الى القضاء، وهو ما سيحدث اذا قررت عدم التسجيل، وهو ما لا نود حدوثه لها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1149 - الجمعة 28 أكتوبر 2005م الموافق 25 رمضان 1426هـ