العدد 1147 - الأربعاء 26 أكتوبر 2005م الموافق 23 رمضان 1426هـ

يوم القدس

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

غدا "الجمعة" هي آخر جمعة في شهر رمضان، وفي هذا اليوم تتجدد الدعوة التي أطلقها الإمام الخميني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران العام 1979 لإحياء آخر جمعة من رمضان باسم "يوم القدس العالمي". الدعوة ومنذ انطلاقها، حصلت على استجابات أقل مما هو متوقع، ومع الأيام أصبحت وكأنها خاصة بالبيئة السياسية الإيرانية وببعض المجتمعات الشيعية خارج إيران. وقبل أعوام قليلة ازداد الاهتمام بالمناسبة، ربما لأسباب متداخلة، إذ شهدت طهران، القاهرة، بيروت، البحرين وبعض المناطق الأخرى احتفالات بالمناسبة بشكل أكبر من السنوات التي سبقت. وفي العام الماضي تحركت بعض المواقع الالكترونية المحسوبة على اتجاه "الاخوان المسلمين" وأعلنت يوما عالميا آخر للقدس، واختارت يوم 17 رمضان "ذكرى معركة بدر" بدلا من آخر جمعة من رمضان. ولذلك فإن المسئولين عن هذا الاختيار أعلنوا أن "مليون زائر" شارك في احياء "يوم القدس العالمي" يوم الخميس الماضي "20 اكتوبر/ تشرين الاول"، بمشاركة الشيخ يوسف القرضاوي والداعية عمرو خالد، بهدف "تذكير مليون زائر على الإنترنت بقيمة القدس وحقيقة المحتلين وأهدافهم ووجوب الدفاع عن المسجد الأقصى بكل ما نملك من قوة، وصد العدوان من جميع الجوانب"، بحسب ما ورد على لسان المنظمين. وقبيل الاحتفال بيوم القدس العالمي في طهران هذا العام، أطلق الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أمس تصريحا قال فيه انه يجب "شطب "إسرائيل" من الخريطة" داعيا إلى وحدة الفلسطينيين لبلوغ "مرحلة ابادة النظام الصهيوني". ومن جانبه قال مرشد الجمهورية الإسلامية السيدعلي الخامنئي الأسبوع الماضي: "إن اليوم العالمي للقدس هو يوم الامتحان العظيم للشعوب الاسلامية". وأصدر المجمع العالمي لأهل البيت بيانا قال فيه ان "الشعب الإيراني سيفضح في يوم القدس مؤامرات الكيان الصهيوني وأميركا المجرمة". يوم القدس العالمي تحول وكأنه شأن ايراني، ومثل هذا النقاش أثير كثيرا في السنوات الماضية، وكانت بعض الملاحظات تشير الى ان اليوم تم اعلانه من طرف واحد، وانه تحول مع الوقت الى "مناسبة سياسية كبرى" في طهران. بل ان السياسة الإيرانية الداخلية والخارجية ارتبطت بصورة عضوية بهذا اليوم، وأصبح أحد أهم المؤشرات بالنسبة إلى التوجهات الإيرانية تجاه كل القضايا. وبالتالي فإن التصريحات المهمة بشأن العلاقات الإيرانية مع العالم الخارجي يتم التعرف عليها من مناسبات رئيسية، ويوم القدس العالمي احدى أهم تلك المناسبات. على أن الملاحظات المضادة لمن يقول ان اليوم أعلن من طرف واحد، هو ان مثل هذا الاعلان يعبر عن مبادرة نوعية، وكان الأجدر التجاوب معها بشكل يتناسب مع اسم المدينة المقدسة، وكان أيضا بالإمكان التحرك لتوسيع الاحتفالية بشكل يتناسب مع التعددية الإسلامية في الاتجاهات والمذاهب، بدلا من ترك الأمر وكأنه يخص الايرانيين وبعض المجتمعات الشيعية. كما انه كان بإمكان المواقع الالكترونية التي أعلنت يوما عالميا للقدس ان تبدأ النشاط الحواري في 17 رمضان وتختتمه في يوم الجمعة الأخيرة من الشهر الفضيل، بحيث تتواكب الذكرى ويستفيد أصحاب هذه المبادرة من مبادرة أخرى كانت قائمة من قبل. على أن الذكرى يبدو انها احتفالية من أجل أهداف سياسية متنوعة، ولا تقتصر فقط على مدينة القدس، والمشكلة في ذلك هي اختلاط الأمور ببعضها بعضا. فتصريح الرئيس الإيراني المذكور أعلاه إنما هو جزء من استراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية الحالية التي تشهد تصعيدا مع وكالة الطاقة الدولية بشأن الملف النووي، وتصعيدا مع أميركا وبريطانيا بشأن ما يجري في العراق. ولذلك، فإن التصريح الشديد الذي لم يكن موجودا في السنوات القليلة الماضية انما يرتبط بمجمل الأوضاع المعقدة، وليس فقط فيما يخص شأن القدس الشريف. إن القدس تستحق يوما عالميا، ولعلنا في أشد الحاجة إلى العودة إلى المبادئ الأولية التي تحدث عنها قادة الاسلام كثيرا، الا وهي الوحدة الحقيقية، وليس الوحدة في الشكل. ومشكلتنا في هذه الايام اننا نزداد فرقة في مختلف البلدان الإسلامية على اسس طائفية، بحيث أصبحت الدعوة الى الوحدة تماما كما هي الدعوة إلى التوحد في الاحتفال بيوم القدس، وهي دعوة أصبحت من الآمال التي يتحدث عنها الجميع من دون ان يروها على أرض الواقع، وبدلا من ذلك أصبحت لدينا تصريحات سياسية نارية من كل جانب، ومواقع الكترونية تحتفل "افتراضيا"

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1147 - الأربعاء 26 أكتوبر 2005م الموافق 23 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً