العدد 1147 - الأربعاء 26 أكتوبر 2005م الموافق 23 رمضان 1426هـ

الذاكرة التي تنكسر هي التي تتلألأ

ما الفارق التقني بين حقول الشوك وحقول الكلام؟ أن ثمة شيئا ما يشبه عويل اللغة يسمع في هذه الردهة السوداء. .. هل هذا الذي يحدث حقا: أن القصيدة تصبح حائطا؟ ثم يمشي تي اس اليوت فوق أرواحنا. هو الذي قال، بكل هذه الفظاظة، اننا أحذية الزمن. لا شيء يبقى منا سوى هذا التراب الذي يأخذ شكل المرايا. ثم ينهمر الدم من المرايا. سعدي يوسف الذي يأخذنا بعيدا في تداعيات الجسد أو حين تمتقع فيه الروح كما لو أنها في آخر أيامها، وفي تداعيات الأرض، إذ لا عودة محتملة إلى هذا الأزل الجميل، وفي تداعيات الصلاة، إذ لا وقت للأولياء الصالحين لان يلقوا بنظرتهم الاخيرة على هذه الحجارة البشرية المتبقية. إذا، دعوا الخلاص يتقيأ الدم. هذه آخر محاولة من الحجارة كي تغني. ان سعدي يوسف يطلب من الحجارة فقط أن تبقي ذاكرتها نظيفة وعلى وشك الانكسار لأن الذاكرة التي تنكسر هي الذاكرة التي تتلألأ... غريب أن أم كلثوم لم تغن "الأرض الخراب" ثمة من استشار أليوت فرفض. دعوا الموتى والغرباء والصعاليك والعقائديين القدامى يبحثون عن نشيد آخر، عن خراب آخر. ان القصيدة لا تليق بهذا النوع من الخراب. استعيضوا عن الحبر بالتراب. واكتبوا هذا على وجوهكم: أيها القمر الذي يتدحرج فوق الماء لم نعد بحاجة إليك لأن دجلة عثر أخيرا على ذلك الطريق الضيق الذي ينتهي إلى القلب. سعدي يوسف. أجل أجل أخذ الأشياء التي تصلح للقلب، وقال: "هذا مثواي الأخير" كل من أراد الالتحاق بي فليضع يديه بين أسنان القصيدة ويصرخ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً