في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، تلقينا ردا على مقال من قسم العلاقات العامة والإعلام بوزارة الشئون الاجتماعية، كتب خارج الدوام الرسمي كما يدل وقت إرساله، ولذلك لم يتسنى نشره في اليوم التالي، وبينما كان جاهزا للنشر يوم 12 اكتوبر، فوجئنا بمكالمة من مجهول "يأمر" الصحيفة بعدم نشره. ولأن الطلب لم يكن بحسب القانون والأعراف، طلبنا أن يصلنا طلب مكتوب بإلغاء النشر رسميا، والظاهر ان "الجماعة" سهروا حتى كتبوا الرد على عجل وخارج وقت الدوام، وهكذا أنقذوا أنفسهم من ورطة كبيرة! السياسة التي لمسناها من الوزارة المذكورة، انها ظلت تتجاهل الانتقادات التي وجهناها إلى إجراءاتها الأخيرة، والتي ألحقت الضرر بالصناديق الخيرية، وبعشرات الآلاف من المواطنين الفقراء، لذلك حاولنا الاشارة ضمنا لذلك الرد الضعيف المتهافت، على أمل أن "تتفضل" الوزارة بالرد المقنع على هذه التساؤلات. ما حصل هو أن الوزارة "زعلت"، وأخذت على خاطرها، كأن الموضوع موضوع شخصي، وليس موضوع خمسين ألف مواطن فقير، ولذلك تلقينا خطابا يوم 19 اكتوبر، يتضمن احتجاجا على "استخدام بعض الجمل بما يخدم المذكور "هكذا" عموده، ويعد ذلك مخالفة للأعراف والأمانة الصحفية"! ولأن مخالفة الأمانة الصحافية تهمة خطيرة لا يمكن أن يصبر عليها غيور، فرأسمال الصحافي هو صدقيته وأمانته، فإننا نتساءل بالمقابل: هل من الأمانة الصحافية أن يكتب رد على مقال نشر في صحيفة معينة، بنشره في صحيفة أخرى؟ هل من الأعراف الصحيحة أن يستقدم الوزير أو الوزيرة صحافيا لا يعلم بالموضوع أصلا، ليعطيه "مقابلة خاصة"، وليست لديه فكرة عن الصناديق الخيرية، ولا يدري عما يتحدث عنه المسئول، ليملي عليه ما يريد نشره، نكاية بمن طرح الانتقادات والتساؤلات التي تهم آلاف المواطنين؟ وهل من الأعراف التي يجري تأسيسها في عهد الاصلاح، أن يعامل الصحافي على طريقة الطالبات في فصول "تقنية الكمبيوتر" في الجامعة، فيجلس أمام سعادة الوزير أو الوزيرة، لتملي عليه الخطوط العامة لسياستها الرشيدة؟ وهل يدخل ضمن "الأعراف الجديدة" أن تحدد الوزيرة للصحافي العنوان الذي "تحبه"، على رغم ما فيه من ضعف وركاكة ومخالفة للواقع، لكي يثبت التزامه بالأمانة الصحافية: "ارتياح شعبي من تنظيم التبرعات"؟ وما هو الدليل؟ وكيف نصدق ما يقال إذا كان القاضي هو الخصم والخصم؟ كان الأولى بالوزارة أن تلاحق "شبكات التسول الدولية" التي نشرت عنها "الوسط" تحقيقا قبل شهر تقريبا، للقبض على العصابات التي تقيم في بعض فنادق البلاد، تجمع التبرعات نهارا، ويقضي أفرادهم ليلا في السهرات. وكان الحري بالوزارة أن تكشف من يقف وراء هذه العصابات من المتنفذين الذين يسهلون لهم الحصول على تأشيرات الدخول، وتعلن ان هذا "البزنس" مخالف للقانون والأعراف، وانه نوع من الدجل والتضليل واستغفال أبناء الشعب الطيب. وإذا كانت هناك بعض الأطراف المتورطة في أعمال مخالفة للقانون، أو في دعم الارهاب، فلن يدافع أحد عنها، فالقانون يجب أن يطبق على الجميع، لكن المطلوب في هذه الحال، مكاشفة الرأي العام، والتحدث بلغة الأرقام، بدل تعميم التهم وإثارة الشكوك ضد الكل، فليس من العدل وضع كل المؤسسات الخيرية في قفص الاتهام. ثم اذا استغل بعض ضعاف النفوس مراكزهم بارتكاب الانتهاكات والتجاوزات، فان آخر المؤسسات التي يمكن أن تصاب بهذا المرض هي الصناديق الخيرية، لأنها لا تمتلك تلك الموازنة المغرية بالاختلاس، ولأن أكثر العاملين فيها من المتطوعين المقبلين على العمل ابتغاء الأجر والثواب، وإذا حصلت تجاوزات في بعض الجمعيات "المريشة"، بسبب تدفق أموال كبيرة من الخارج دون رقابة، فلن يناقش أحد الوزارة في القيام بمسئوليتها في كشف تلك الانتهاكات حفاظا على حقوق المواطنين. ملاحظة أخيرة، ان جدول الجمعيات التي طلبت تراخيص لجمع التبرعات يثبت ما ذهبنا إليه سابقا من ان قرارات الوزارة ضارة بالعمل الخيري في البلد وغير عملية أيضا، وغير شعبية أيضا، خلافا لما تقوله الوزيرة. فهناك ستة صناديق خيرية، و10 جمعيات فقط، "استأذنت" الوزارة من بين 88 صندوقا عاملا في البلد، وبعضها قام بحملة لصالح ضحايا الزلزال في باكستان. على ان الغريب إقحام أسماء أجنبية لا ترتبط بالعمل الخيري موضوع الخلاف: فهناك إقامة حفل موسيقي "جمعية كيرالا"، وحفلة استعراضية "نادي دلمون"، ومهرجان سنوي "القلب المقدس"، وحفلة موسيقية "جمعية النساء الهنديات"، كل ذلك ليقولوا ان الشعب البحريني مرتاح جدا من هذه القرارات! أكتب هذا المقال، وبانتظار قراءة الرد "المفحم" في صحيفة أخرى يا وزارة الشئون الاجتماعية، فإلى اللقاء
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1146 - الثلثاء 25 أكتوبر 2005م الموافق 22 رمضان 1426هـ