العدد 1145 - الإثنين 24 أكتوبر 2005م الموافق 21 رمضان 1426هـ

علي "ع"

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك من العام 661م "قبل 1344 سنة" استشهد الإمام علي بن ابي طالب "ع" بعد ان ضربه عبدالرحمن بن ملجم بالسيف على رأسه وهو يصلي الفجر في جامع الكوفة في 19 رمضان من ذلك العام. علي "ع" كان ومازال ملهما للانسانية في عدله وفي حكمه بين الناس، وفي إحقاق الحق ونصرة المظلوم ومقاومة كل أنواع الظلم والبغي. وفي إحدى وصاياه للحسن والحسين وأهل بيته وللناس أجمع، قال الامام علي: "أوصيكما، وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي هذا، بتقوى الله، ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فاني سمعت جد كما "ص" يقول: صلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام". علي "ع" على فراش الموت بسبب ضربة سيف من شخص شرع في اغتياله، ويمكن للمرء أن يتوقع الانتقام من شخص قام بمثل هذا العمل الاجرامي، الا ان عليا أوصى بحسن معاملة عبدالرحمن بن ملجم "الذي كان في السجن"، وحرم تعذيبه، قائلا: "يا بني عبدالمطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا، تقولون: "قتل اميرالمؤمنين" الا لا يقتلن بي الا قاتلي. انظروا اذا أنا مت من ضربته هذه، فاضربوه ضربة بضربة، ولا تمثلوا بالرجل، فاني سمعت رسول الله "ص" يقول: اياكم والمثلة ولو بالكلب العقور". الامام علي أعلن قبل 1344 سنة ان التعذيب ممنوع وحرام وان حتى الكلب العقور "الذي يهاجم الناس" لا يجوز تعذيبه، وهذا قبل مئات السنين وقبل ان تتوصل الحضارة الغربية والأمم المتحدة الى تحريم التعذيب وتشريع الاتفاقات والعهود الدولية بمنعه من المجتمعات الانسانية. علي "ع" كان أفضل مستشار للخليفة عمر بن الخطاب "رض"، وكتب السيرة مملوءة بالمشورات والآراء التي أسداها لخليفة المسلمين. فعندما وردت إلى بيت المال ثروة مالية كبيرة من البحرين آنذاك، جمع الخليفة عمر المهاجرين والأنصار واستفتاهم بشأن طريقة التعامل مع المال الوارد الى خزانة الدولة من البحرين، فأشار الامام علي بتوزيعه على الفقراء، فرد الخليفة عمر "صدقت والله". وبعد فتح المسلمين بلاد فارس "وكانت العراق تحت فارس"، شاور الخليفة عمر أصحابه كما ينبغي أن يعمله بتلك الأراضي الشاسعة، فقال بعضهم: "تقسمها بيننا". غير ان الامام علي قال "ان قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء، ولكن تقرها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا". فقال عمر لعلي: "وفقك الله هذا الرأي". علي كان نبراسا لحقوق الانسان وللعدالة، فهو الذي اعلن تحريم التعذيب، وهو الذي أوصى بالفقراء ورعايتهم اجتماعيا، وهو الذي أوصى بعدم تحويل البلاد الاسلامية إلى اقطاعيات، مشيرا إلى ان الجيل الذي يمسك بزمام الأمور عليه ان يفكر في الاجيال التي ستأتي بعده وستحتاج إلى تقاسم الثروات وتداولها على أسس عادلة. علي بعد قرون من استشهاده يعيش في ضمير كل مسلم وكل من يبحث عن إنسانية رفيعة المستوى، تترفع على الأطماع والمصالح الدنيوية، وتخشى الله وتنظم شئونها وتصلح العلاقات فيما بينها. كم هي حاجتنا إلى علي وأمثال علي، إلى أناس يضعون مصلحة الأمة فوق مصالحهم، ويفكرون في الشأن العام على أساس العدل والإنصاف، ويحترمون الانسان لأنه انسان... فهو علي الذي أوصى مالك الاشتر عندما ولاه على مصر "الناس صنفان، اما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق"... فسلام عليك يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حيا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1145 - الإثنين 24 أكتوبر 2005م الموافق 21 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً