أرسل لي أحد أبناء عائلة (غزوان) قائمة تضم ما يزيد على 100 اسم من أسماء عوائل العاصمة المنامة الشهيرة من كل الطوائف والأعراق، ولكن أجمل ما في أمر تلك القائمة، أن هناك الكثير من أبناء تلك العوائل لا يزالون باقين فيها، وفي الوقت ذاته، وفقا لاتصالات بعضهم، فإنهم متمسكون بالبقاء فيها، على أن يكون لدى الدولة ممثلة في كل من مجلس بلدي العاصمة، ومحافظة العاصمة ووزارة شئون البلديات والزراعة ووزارة الثقافة والإعلام توجه حقيقي للحفاظ على هوية المنامة.
والسبل الى ذلك متاحة... حتى مع بقاء الوافدين في الأحياء التي أصبح فيها البحرينيون أقلية لا تكاد تذكر، فهناك مشروع بدأ به عضو المجلس النيابي النائب خليل المرزوق يصب في هذا الاتجاه، ويدعم مشروع التطوير الحضري للمنامة طبقا للمخططات والتباحث مع الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بغرض توفير مختلف الخدمات الأساسية للمواطنين القاطنين بالعاصمة، وعلى صعيد مختلف ضواحيها طبعا، وتوفير الحلول الإسكانية والحفاظ على النسيج الاجتماعي والطابع العمراني الذي تأثر كثيرا هو الآخر على مدى السنوات العشرين الماضية، وهو ذاته المشروع المرتبط بالدراسة التي أعدتها وزارة شئون البلديات والزراعة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDB.
لماذا تعثر المشروع؟ أو لنقل: ما الذي أدى إلى تباطؤه؟ قبل سنوات، زار أحد الوزراء المعنيين المنامة، وبعد الزيارة الميدانية للكثير من الأحياء والمواقع، صدر قرار بتشكيل فريق عمل مشترك بين نواب وممثلي المنامة والمكتب الهندسي المشرف على مخططات العاصمة، ووزارة البلديات وبلدية المنامة بالشراكة مع المجلس البلدي والمؤسسات الأهلية لبحث خيارات تطوير وإعمار العاصمة، بل واستعراض مصادر وبدائل التمويل ولا سيما إننا علمنا أن جلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حريص على إنجاح الفكرة؟
يصر البعض، على أن لفت الأنظار إلى العاصمة المنامة والدعوة إلى الحفاظ على هويتها، ما هي إلا كلمة حق يراد بها باطل من أجل التنكيل بالعمال الوافدين من العرب وغير العرب، وهذه فكرة هامشية (مهمشة)أصلا ولا ترقى إلى النقاش، فالحفاظ على هوية بلادنا وتراثنا وتاريخنا أمر لا علاقة له قطع لقمة العيش التي هي من عطايا رب العالمين وليست من عطايا البشر... فما المانع في أن تعيش العوائل العربية والأجنبية في بعض أحياء المنامة أو المحرق أو مدينة عيسى؟ فنحن البحرينيون أهل خير ونعمة لا نحمل روحا عدائية لأي إنسان يطلب الرزق والحياة الكريمة له ولعياله... لكن لا نريد أن تصطبغ مدننا وقرانا بصبغة الكامبونات الأجنبية للعزاب الوافدين، وتقتطع من بلادنا قطعة عزيزة لتحل محلها أحياء هي طبق الأصل لبلدان وثقافات لا صلة لنا بها إلا عبر التواصل الإنساني... تتمشى في أروقة المنامة فتملأ رأسك رائحة الطعام الغريب، الموسيقى الغريبة...ا لكتابات واللافتات الآسيوية... والكثير الكثير من الغرباء المخيفين أحيانا حتى لأشد الرجال بأسا.
إن النظر من جديد إلى «فرجان» المخارقة والحمام والحطب ورأس الرمان والحورة (الحدادة)، التي حظيت بزيارة واحد من كبار المسئولين قبل عام أو أكثر قليلا، تدعونا لنتساءل مجددا: «متى سيتم الالتفات إلى العاصمة؟ وكيف تنظر الجهات المسئولة إلى هوية المنامة وتراث المنامة وتاريخ المنامة وواقع المنامة...العاصمة؟».
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2428 - الأربعاء 29 أبريل 2009م الموافق 04 جمادى الأولى 1430هـ