بعد طول انتظار رفع فيه شعار "الحقيقة والعدالة" على مدى 250 يوما، خرج تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رفيق الحريري، ديتليف ميليس، إلى العلن مع الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، والقليل من الأجوبة الشافية عن التخطيط والتنفيذ والتحريض، وبالتالي لم يكن وقعه كـ "الصاعقة" ولم يشكل زلزالا، كما كان متوقعا. أعلن التقرير فبدأ المهتمون بالشأن اللبناني السوري في فك "لغز الأسماء" التي وردت في نسخة خاصة مختلفة عن النسخة التي وزعت على وسائل الإعلام، لكن أبرز النقاط التي يجب التوقف عندها في هذا التقرير بنسختيه هي أنه لم يتحدث مطلقا عن وزير الداخلية السوري الراحل الذي قضى انتحارا غازي كنعان، سواء كمتورط في الاغتيال أو حتى كمشتبه فيه، أو كشاهد، الأمر الذي يلقي بالكثير من الشكوك بشأن صدقية التقرير، بالإضافة إلى الشكوك بشأن مسألة انتحاره. ثم إن هذا يعطي بعض الصدقية إلى الرواية التي تقول إنه عارض التمديد للرئيس اللبناني إميل لحود، والأخرى التي تحدثت أن كنعان كان من البدائل الأميركية للنظام السوري، وهذا ما عجل بنهايته. التقرير بتفاصيله لا يوحي بأن اسم كنعان "سقط سهوا"، وغياب الاسم هنا يصب في خدمة الإدارة الأميركية فهي تستطيع بذلك إدانة سورية باغتيال الحريري، وهي بذلك تستطيع أن تثبت أن سورية "نحرت" كنعان وبالتالي فإنها ستكذب الرواية السورية بشأن الحادث، وتزرع الشكوك في جميع الروايات السابقة. إلا أن هذا لا يعني أن سورية ليست مستفيدة من غياب اسم كنعان، فهي الأخرى يمكن أن تستفيد من ذلك في التشكيك في صدقية التقرير الذي أغفل شاهدا مثل كنعان. وأخيرا، فإن خطوات الوصول لـ "الحقيقة" بشأن اغتيال الحريري لاتزال طويلة، والوصول إليها، إذا أريد ذلك ولم تتخلله تسويات أو صفقات أو أكباش فداء، يحتاج إلى الإجابة على كل علامات الاستفهام بشأن التقرير، بالإضافة إلى ذلك أن يخرج الشهود إلى العلن لتقطع بذلك الشكوك باليقين
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ