تفهم القروض الشخصية المنتشرة في أوساط الكثير من دول الخليج العربية، على أنها وسيلة لتحقيق رغبات نفسية ذات صلة بأمراض اجتماعية مرتبطة في كثير من الأحيان باقتناء الكماليات أو الجري وراء تقليد الغير ومحاكاته، إلا أن الفهم المذكور لا يمكن أن نعممه على الجميع، فالظروف المعيشية في البحرين تختلف عنها في دول مجلس التعاون، فمن راتبه في إحدى هذه الدول كمدرس لا يقل عن 800 دينار بحريني فإنه يتلقى في البحرين في أحسن الأحوال مبلغ 450 دينارا. وإذا جئنا إلى البحرين وضربنا مثالا على أسعار الأراضي، فسنجد أن سعر القدم الواحد اليوم وصل إلى 48 أو أكثر لأرض استثمارية في المناطق القريبة من العاصمة، و13 دينارا لأرض واقعة في منطقة حديثة العهد لا تتوافر فيها الخدمات الضرورية مثل محل ل "السوبر ماركت" أو مخبز أو حتى كشك لبيع الخضراوات والفواكه. ووفقا للمعطيات أعلاه كيف لنا أن نطلب من مواطن بحريني لا يتجاوز دخله وزوجته الـ 500 دينار "هذا إذ افترضنا أنهما جامعيين ويعملان في وظيفة حكومية"، ألا يقترض كي يبني لنفسه وعياله عش الزوجية؟ في الوقت الذي يقطن في شقة مؤجرة تستحوذ من مرتبه ما لا يقل عن 130 دينارا أو أكثر، ناهيك عن كلفة الكهرباء والماء والهاتف الثابت والوقود وغيرها. هذا بالنسبة لمن يتخذون الشقق ملاذا لهم، ولكن ماذا عن من يعيشون في جحور، وليس لهم إلا أن يتكدسوا مع إخوانهم المتزوجين في منزل واحد يكاد يضج بمن فيه، أوكل إليه ستر أعراض 5 عائلات أو أكثر، عددها الإجمالي لا يقل عن 25 فردا، فمن راتبه لا يتجاوز 150 دينارا كيف له أن يتخلى عنه بالكامل ليودعه كإيجار للشقة؟ وإذا فعل ذلك فمن سيكسو ويطعم عياله؟ إذا كانت الدولة تفكر في معالجة ظاهرة تفاقم ظاهرة الاقتراض الشخصي في البحرين فعليها أن ترفع من سقف الرواتب بالنظر إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، وأن تسارع في إيجاد حل جذري للمشكلة الإسكانية التي تتفاقم يوما بعد آخر وبالتالي لا يبقى المواطن حبيسا لإيجارات الشقق الباهظة. وأن تقوم من خلال قنواتها المختلفة بتوعية المواطن بانعكاسات القروض على حياته الاجتماعية التي ربما تتفكك خصوصا إذا وصلت الأمور- لا سمح الله - إلى حد سجن رب الأسرة لعدم قدرته على سداد ديونه. وأخيرا، أن تعمل على دعم المواطن كسائر الدول الخليجية الأخرى "مثل دولة الإمارات وغيرها" من خلال منحه قطعة أرض لبناء منزل أحلامه، وأن تخصص صندوقا لإعانة ذوي الدخل المحدود على أن يكون مدعوما بموازنة يتم حصرها كجزء من مبيعات النفط "المرتفعة الثمن في الوقت الحاضر" وذلك بهدف الحد من لجوء هذه الفئة للاقتراض
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ