أصدر مجلس العلاقات الخارجية الاميركية تقريرا يتحدث عن كيفية "دعم الديمقراطية العربية" الذي يعتمد إلى حد كبير عما يروج له دائما في المنطقة العربية بأن الوضع السياسي الراهن هو وضع يخدم مصالح واشنطن وذلك عبر مساعدة دول عربية مثل السعودية والأردن والبحرين والكويت والمغرب. التقرير الذي ترأست فريق عمله وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين أولبرايت وعضو الكونغرس الاميركي السابق فين ويبر هو تقرير ليس تابعا للحكومة الاميركية، بل منظمة مستقلة تعكف على طرح الأفكار من أجل فهم خيارات السياسة الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من البلدان بصورة أفضل. فبعد هجمات سبتمبر/ أيلول أصبحت هناك حاجة ملحة لمعرفة مصادر الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وعما اذا كانت الأنظمة السياسية مصادر رئيسية للنفور السياسي والتطرف الذي حفز إلى ظهور تنظيم مثل "القاعدة"... وهل حقا ان القضاء على منابع الإرهاب يتم من خلال تعزيز الديمقراطية والاصلاحات في المنطقة، أي الذي تبنته إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش حاليا؟! لاشك في أن التطرف والتشدد في أوجه حياة الإنسان العربي حاليا أصبحت سمة تلازم أسلوب حياته لأسباب كثيرة وعلى رأسها الاحباطات السياسية والاقتصادية التي عززت تطرفه حتى على مستوى حياته الاجتماعية، بصورة أدت إلى تفاقم حقده على أنظمة لا تأبه بمصير شعوبها، بل بمصير وحماية مصالحها وهو أدى إلى ولادة وتنامي عنصري التطرف والارهاب اللذين أصبح شكلهما مقبولا وطبيعيا داخل بعض المجتمعات العربية وعلى سبيل المثال ما جاء اليوم في مسلسل "حور العين" الذي تبثه حاليا قناة "إم بي سي" السعودية الذي يستعرض في حلقاته صورة جريئة وانتقادا واضحا إلى ما يحصل داخل المجتمع السعودي الذي أثر حتى على اسلوب وفكر الجاليات العربية المقيمة داخل هذا المجتمع وهي صورة لم تألف المسلسلات العربية معالجتها دراميا وان كان مسلسل "الطريق إلى كابول" بداية التوعية لخطر الارهاب الا انه أوقف بثه في العام الماضي من قبل القناة ذاتها من دون أسباب واضحة بعكس ما يحدث خلال العام الجاري في شهر رمضان الفضيل. وعودة إلى تقرير مجلس العلاقات الخارجية الاميركية الذي مضمونه لا يختلف كثيرا عن التوجه الحاصل وأثره حتى على المسلسلات العربية الرمضانية، ومن هنا لابد من الاشارة كما جاء في التقرير إلى ضرورة دعم الديمقراطية لان إعطاء الشعوب العربية حق التعبير يضائل احتمال لجوئهم إلى تدابير اكثر تطرفا واحتمالات اكثر لبناء مجتمعات منفتحة تحترم حقوق الانسان وحكم القانون وخصوصا ان المنطقة تفتقر إلى جذور ديمقراطية قوية. فمن أهم النتائج والتوصيات التي جاءت في التقرير الذي ساهم فيه اكاديميون ومهتمون من منطقة الشرق الأوسط هو التشديد على بعض المبادئ الاساسية مثل حقوق الانسان والتمثيل السياسي والضوابط الدستورية وتقبل حكم القانون إلى حقوق المرأة وشفافية صنع القرارات. أيضا ضرورة تطوير وسائل الاعلام العربية والتشديد على تحسين القوانين التي تحمي حرية التعبير. ان مجرد الحديث عن كل هذه الامور هي بداية صحيحة للحلول بعيدة المدى لمشكلات مزمنة أنهكت مجتمعاتنا العربية سياسيا واقتصاديا. ونأمل ان تجد هذه الافكار وغيرها التفاعل الجاد سعيا إلى تغيير واقعنا إلى ما نفخر به أمام أنفسنا والعالم
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1143 - السبت 22 أكتوبر 2005م الموافق 19 رمضان 1426هـ