العدد 1142 - الجمعة 21 أكتوبر 2005م الموافق 18 رمضان 1426هـ

الصحافة المدنية... ضمانة لحقوق الإنسان ونمو اقتصاده

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

إن حق الصحافة في نشر المقالات والافتتاحيات والانتقادات والمعلومات بحرية، هو مبدأ أساسي في الديمقراطية التي ينشدها الإنسان العربي. إن اية منظومة مجتمعية تحاول السعي إلى حال من السواء السياسي والمجتمعي لابد أن تحسم امر «الحقوق»، بمعنى ان محورية الحقوق أمر بالغ الأهمية في صوغ المجتمع الصالح او المجتمع المدني، وتأتي حرية الصحافة المدنية كزاوية من زوايا الحقوق الرئيسية والمهمة، فحرية الصحافة قائمة ليست لأنها ضرورة مجتمعية وتطويرية فحسب، بل هي صورة مهمة في استمرار هذه المجتمعات، ولعلها الضمانة الأولى لديمومة المجتمع وبقاء ديمقراطيته.

وسائل الإعلام الحرة والمسئولة تستطيع أن تؤثر تأثيراً إيجابياً في أي مجتمع، بما في ذلك تلك المجتمعات التي نشأت فيها الديمقراطيات حديثاً. فالصحافة الحرة ضرورية لإقامة حكم مستقر وديمقراطي، يماثل الحكم الذي تتمتع به المجتمعات الموغلة القدم في الحكم الديمقراطي.

يذهب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان، لورن كرينر إلى أن تعزيز حرية الصحافة في الحقيقة مرتبط ارتباطاً حيوياً بالحرية الإنسانية. فلكي يلعب الناس دوراً نشطاً في سياسة بلدهم، يجدر بهم أن يكونوا مطلعين على ما يجري. فحتى الأمر البسيط جداً مثل الاقتراع في الانتخابات الوطنية يكون صعباً من دون معلومات كافية.

الصحافة المدنية تنقل إلى الناس المعلومات عن زعمائهم، وعن سياسات البلدان الأخرى، وحتى عن الممارسات والحوارات السياسية في فعاليات مؤسسات المجتمع المدني. ويرى لورن كرينر أن النموذج الأميركي يعتمد على الثقة بالإنسان الأميركي، يقول لورن: «يرتكز الدعم الأميركي للصحافة الحرة على الاعتقاد بأن الناس، عندما يكون لديهم فهم كامل وناجز لحال الأمور في بلدهم وفي العالم، سيختارون لأنفسهم تلك المؤسسات، والسياسات، والممارسات التي تحافظ وتحمي على أحسن وجه الحقوق المدنية والإنسانية الأساسية».

لماذا ندعم الصحافة المدنية؟

على السلطة الرئيسية «الدولة» أن تتحد مع باقي السلطات المجتمعية في محاولة دعم الصحافة المدنية، عبر تبنّي ممارسات تحمي الحريات الصحافية، وعن طريق تمويل ودعم برامج التدريب على وسائل الإعلام لتعليم الصحافيين، سواء في المؤسسات الأكاديمية الوطنية أو في الخارج. وللإجابة على السؤال الرئيسي، وهو لماذا يجب علينا أن ندعم الصحافة المدنية؟ أورد النقاط الآتية:

أولاً: الصحافة المدنية وحرية الفكر والتعبير التي تتضمنّها الصحافة الحرة، حقوق أساسية وإنسانية عالمية تستحق أن تتمتع بها جميع الشعوب على قاعدة إنسانيتها.

ثانياً: إن وجود صحافة حرة أمر ضروري لنشوء ديمقراطية حقيقية وكاملة. فالصحافة المدنية الحرة هي الوحيدة القادرة على تزويد الناخبين بالمعلومات التي يحتاجونها لاختيار أفضل القادة. ويعلق لورن كرينر بأن الحكومات دائماً ما تقوم باستخدام وسائل الإعلام الخاضعة للدولة لتقديم مجموعة مُشّوهة من الوقائع. كذلك، وفي حال غياب الحماية، بإمكان الحكومات الضغط على وسائل الإعلام الخاصة لكي تنشر أو لا تنشر معلومات حيوية. باختصار، «تؤكد وسائل الإعلام الحرة أن الحكومات ستمثل مصالح مواطنيها، وأن المواطنين يمكنهم محاسبة حكوماتهم. ومن خلال النقاش العام تتيح الصحافة الحرة التعبير عن آراء متعددة في صفحات التحرير كما تنشر الإعلانات التجارية». هذه البيئة تسمى «سوق الأفكار»، إذ يختار المواطنون ويؤيدون تلك الأفكار التي يفضلونها على غيرها بحرية من دون ضغوط خارجية. ويؤمن نظام كهذا أفضل النتائج من دون الحاجة إلى إسكات أية وجهة نظر مخالفة، فالأجدر بالقبول هو ما يقبله الناس، وهذا ما لا تحققه صحافة الوطن العربي المريضة بالتأدلج.

ثالثاً: «العامل الاقتصادي» هناك علاقة وثيقة وإيجابية بين النقل الحر للأخبار والاقتصادات الحرة المنفتحة والفعّالة. والنشاط الاقتصادي ينعكس على مستويات المعيشة والتعليم والعناية الصحية. فالصحافة المدنية الحرة أداة لانتعاش الاقتصاد ونموه.

وثقت نشرة إعلامية للبنك الدولي، بعنوان: «حق القول»، الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الحرة في دعم النمو الاقتصادي. وكتب رئيس مجموعة البنك الدولي جيمس وولفنسون، في مقدمة النشرة «علينا، لأجل خفض نسبة الفقر، تحرير إمكان الوصول إلى المعلومات، وتحسين نوعية المعلومات. فالناس المزودون بمعلومات أكثر يملكون قدرة انتقاء خيارات أفضل».

النتيجة... تعزز وسائل الإعلام الحرة تبادل المعلومات بشأن ممارسات الأعمال الناجحة، وتساعد في إيجاد شركاء تجاريين، وبوسعها زيادة فعالية الاقتصادات عن طريق نشر تكنولوجيات مفيدة. كما أن نقل الأخبار بانفتاح يحافظ على دعم وثقة المستثمرين، المحليين والأجانب.

لكل إنسان، الحق في تسلم معلومات دقيقة عن حكومته، وعن الحكومات الأخرى، وعن حال العالم. ومن المهم بالدرجة نفسها، أن تقوم وسائل الإعلام المدنية بلعب دور الجهاز الرقابي على الحكومات القوية، بينما تحافظ في الوقت ذاته على سلامة الاقتصاد الوطني. بمعنى اننا حين نروج للصحافة المدنية نروج للإنسان نفسه

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1142 - الجمعة 21 أكتوبر 2005م الموافق 18 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً