فعلا وفت الإدارة الأميركية بجزء من وعودها بشأن محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فالملايين في العراق وداخله شاهدوا صورا تاريخية لطاغية العراق السابق وهو ماثل أمام العدالة مواجها مسئولية قتل أكثر من 140 من سكان بلدة الدجيل الواقعة إلى الشمال من العاصمة العراقية بغداد، وذلك بعد إطلاق النار على موكبه أثناء مغادرته البلدة العام . 1982 صدام ورفاقه حاولوا عبثا في جلسة أمس استمالة الرأي العام العربي بأنهم كانوا ولايزالون حماة هذه الأمة، وبتأكيد أن من العروبة من انجرحت مشاعره وهو يشاهد من كان يدغدع أحلامهم لعقود من الزمن، ليصبح اليوم "مثالا" يحتذى به في خيانة هذه الأمة. اختيار وقت المحاكمة لم يأت عبثا، فالتوقيت جاء متزامنا مع تصويت العراقيين على مسودة الدستور الجديد، ولعل واشنطن أرادت أن توحي للرأي العام الدولي بأنها حققت انتصارا مزدوجا، ولكن على أية حال، فما جرى أمس سيهدئ من روع مئات ولربما آلاف العائلات التي حرمها الطاغية من شموع شبابها. جلسة أمس لن تفي ولو بقيد أنملة لحق أولئك الأطهار الذين زج بهم في مئات المقابر الجماعية، ولن تساوي بعوضة أمام فتكه بشعب عظيم ردحا طويلا من الزمن بمباركة من حثالة هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها. المشهد أمس كان مثيرا بالنسبة إلينا، وإلى الكثيرين مثلنا، وكان مثيرا أيضا للطاغية الذي سعى في الأرض فسادا وظن ألا يقدر عليه أحد، وها هو ذا اليوم في قفص الاتهام، ودارت عليه الدوائر فأصبح ألعوبة في قبضة من مكنه من رقاب العراقيين