خطب الرئيس الأميركي جورج بوش أمام زعماء ودبلوماسيين يمثلون مختلف الطوائف المسلمة في البيت الأبيض وجمعهم على مائدة إفطار وقال لهم وهو يشدد على ضرورة تكاتف الأيدي معا لمنع تغلل الإرهاب والتصدي له بكل الوسائل الممكنة، مستشهدا بآية قرآنية من سورة المائدة تدين العنف والإرهاب والقتل قال الله تعالى: "أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". واللافت أن بوش أغفل في اقتباسه الآية القرآنية بالإنجليزية بدايتها الموجهة إلى "بني إسرائيل" التي تنص الآية 32 من سورة المائدة كالآتي: "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض". مجددا ذهب بوش بالأمس القريب يتحدث بصيغة دينية بحتة إلى طرف يمثل جزءا من هذه الأمة الإسلامية ليحكي لهم كيف أوحى له الرب وطالبه بضرورة غزو العراق وأفغانستان. تكرار الخطاب الديني للرئيس بوش يعكس الصبغة التي يحاول أن يظهر بها أمام الملأ ليتقمص ويجسد شخصية الداعي والهادي لكن من منظور ليبرالي بحت، إذ يبدو أن مهمة بوش في تحسين صورة أميركا أمام العالم العربي والإسلامي وتكليف مستشارة وزارة الخارجية كارين هيوز، صعبة المنال ومحفوفة بالمخاطر والمغامرات في ظل وجود أيدي عابثة تقبع وراء الكواليس وتتحرك في شطب ولصق ما يحلو لها، إضافة إلى ذلك فإن المهمة اخترقت الخطاب العقلاني المتزن وحولته إلى خطاب ديني لأجل كسب ود الأطراف القابلة للتحاور والتحول، وخصوصا أن نزعة بوش الدينية بدأت تتبلور شيئا فشيئا لتصحيح أخطاء الماضي أمام الرأي العام وخلق "صحوة دينية" يحقق من خلالها خطوته الأولى في نيل مكاسب أخرى قابعة ومزروعة في ثنايا عالم الشرق الأوسط الكبير
العدد 1140 - الأربعاء 19 أكتوبر 2005م الموافق 16 رمضان 1426هـ