العدد 1140 - الأربعاء 19 أكتوبر 2005م الموافق 16 رمضان 1426هـ

أهالي المحرق يدشنون عريضة شعبية

المحرق - سعيد محمد، حيدر محمد 

19 أكتوبر 2005

أبلغت مصادر مطلعة «الوسط» أن «توجيهات» صدرت للمسئولين في جهات الاختصاص للبحث في مطالب أهالي المحرق وفتح تحقيق بشأن الاستحواذ على أراض من قبل متنفذين، في الوقت الذي يستعد فيه الأهالي لتدشين عريضة شعبية تطالب بمحاسبة المتورطين.

من جهة أخرى، تنوي جمعيات سياسية تبنَّي ملف الاستحواذ على الأراضي، وذلك من خلال ندوة سيتم الإعلان عنها قريباً وستنظم بالتعاون بين الجمعيات الأربع بالتنسيق مع الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري لمساندة التحركات الشعبية المطالبة بوقف استنزاف الأراضي والسواحل طبقاً لما صرح به رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف.

من جهته، قال أمين سر اللجنة الشعبية للدفاع عن سواحل المحرق محمد إبراهيم الحدي إن تحركات اللجنة ستتواصل عبر مشروع العريضة الشعبية التي ستدشن في العشر الأواخر من الشهر المبارك، كما أنه من المقرر أن تعقد اللجنة اجتماعاً قريباً لبحث آخر التطورات في ملف أراضي المحرق.


سواحل المحرق وقعت في الأسر "2 - 2"

مساحات تباع وتهدى وتسرق... أين القانون؟!

الوسط-سعيد محمد، حيدر محمد

تفاعل أهل المحرق مع حلقة الأمس، والتي كانت بمثابة خطوة تمهيدية للاستمرار في دعم جهود الجهات التي شمرت عن سواعدها للدفاع عن أراض وبحار تسرق على قدم وساق! صدق الراوي أم لم يصدق! لكن الحقيقة هي أن قلة من المتنفذين المستأثرين يريدون أن يحرموا أهالي المحرق - ليس من أراضيها فحسب - بل من شواطئها أيضا! كيف ومن ولماذا ابتلعت اليابسة البحر؟! سؤال صعب لا تبدو الإجابة عليه سهلة إلا بتقديم القانون ليأخذ مجراه. " كل شيء في المحرق قابل للسرقة"... بهذه الكلمات الساخرة يبدأ أحد شبان المحرق الحديث عما تتعرض إليه هذه الجزيرة الموغلة في عمق التاريخ من حرب بيئية بشعة تستهدف - بحسب السكان - حرمان الأهالي من حلمهم في العيش على أرضهم. ويتساءل بمرارة لا تخفي مشاعره: "هل لما يجري عنوان في دولة القانون، أم أن القانون لا يفرض إلا على الفقراء؟ ما هو هذا الزمن الرديء الذي يحرم المواطنين البسطاء من التمتع بأرض آبائهم وأجدادهم؟ ولماذا هذا الصمت الرسمي؟ أو لنقل - إذا أحسنا الظن - لماذا التغاضي عن هذه الحملة التي تطال الأرض... الأرض وما أدراك؟!". كل يوم، وعلى مدار أربع وعشرين ساعة تستمر الحملة الشعواء على الطبيعة؟ وهل يا ترى ينحسر حلم المتنفذين عند حد ما؟ معظم أهالي المحرق لا يعتقدون ذلك! والنتيجة هي: الاحتجاجات الشعبية التي شارك فيها المئات من أهالي محافظة المحرق للتعبير السلمي عن رفضهم لكسر القانون في دولة القانون! اعتراض أهلي متصاعد، يصاحبه بطن لا يشبع من ابتلاع اليابسة والمياه على حد سواء... انه منظر إنساني مؤلم ذاك الذي ترى فيه الفقير يكدح ويشقى ويقضي نصف عمره أو أكثر من أجل الحصول على قطعة أرض لا تتعدى الأمتار طولا وعرضا في حين تهدى وتوزع وتسرق الاراضي مجانا بلا حسيب ولا رقيب. عودا على بدء، نواصل ما طرحناه في حلقة الأمس لنسأل اليوم وغدا: كيف يصف أهالي المحرق الوضع/ المشكلة؟ وأي مستقبل ينتظرها وسط هذا البلاء الذي لا تعرف له نهاية بعد؟ ولعل نقطة الانطلاق، كانت من قانونية ما يحدث، لهذا نترك الحديث للعارفين، فرئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن المحرق المحامي عبدالله هاشم يؤكد أن الاستيلاء على الأراضي يخالف القانون. لكن متى فتح الملف؟ بحسب هاشم، فإن عملية الاحتجاج الشعبي كانت تتفاعل منذ أمد بعيد، وكنا نؤجل عملية البدء في تفعيل هذه الاحتجاجات حتى نستوفي شرائطا معينة بين صفوف الناس، فعندما أثيرت القضية المحددة وهي قضية الأرض التي تدفن جنوبي الحالتين "سلطة والنعيم"، بدأنا فتح الملف بقوة.

الوضع القانوني للأرض

في اطار التحرك لمتابعة القضية، كان من المهم بالنسبة إلى الأهالي مطالبة المسئولين بوزارة الأشغال والإسكان وكذلك المجلس البلدي للكشف عن الوضع القانوني للأرض، فحسب ما يتناقله الأهالي، وهو ما لم نتمكن من التأكد منه من الوزارة، فإن سعيا انطلق لأجل معرفة ما إذا كانت ملكية عامة أم ملكية خاصة تعود لفرد أو أفراد، إلا أن لا أحد من المسئولين التفت إلى مطالب الأهالي، ولم يرد عليها أحد، و بعد فترة من الإلحاح وتواصل إجراءات الاحتجاج وبعد تنامي الضغوط الشعبية أدلى وكيل وزارة الإسكان نبيل أبوالفتح بتصريح أشار فيه إلى أن 60 في المئة من "تلك الأرض المعنية" هي ملكية خاصة، وان 30 في المئة منها مخصص للشوارع، ونسبة عشرة في المئة منها للمرافق، وهذا يعني أن هناك جهة اختصاص رسمية قد حددت وبشكل صريح أن قطعة الأرض هذه مملوكة ملكية خاصة، وهذا يعني أنه ليست هناك أية مشروعات إسكانية مخصصة لسكن المواطنين.

تصريحات متناقضة للمسئولين

هنا، يعتقد عبدالله هاشم أن هناك تناقضا في التصريحات الصحافية! فما صرح به رئيس المجلس البلدي لمحافظة المحرق محمد الوزان الذي قال انه تسلم رسالة من محافظ الجنوبية ورئيس الهيئة العامة لحماية البيئة والثروة السمكية سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة تفيد بان هناك مشروعا إسكانيا مقررا أن ينفذ في المنطقة التي "تقع المحرق شمالها"". ويفصل هاشم الحديث بالقول... إن ملاحظاتنا في اللجنة الشعبية هي أن هذه الرسالة ذات محتوى مبهم! فإننا لا نعرف ماهي المنطقة التي "تقع المحرق في شمالها"! لكن إجمالا من الممكن الاستنتاج أن الأرض التي تدفن الآن هي إحدى القطع الكثيرة التي "تقع المحرق في شمالها". لذلك - والكلام لهاشم - فنحن نطالب رئيس المجلس البلدي وأعضاء المجلس أن يضعوا النقاط على الحروف في هذا الشأن، وان يطلعوا مؤسسات المجتمع المدني في المحرق وفي مقدمتها جمعية المحرق الأهلية واللجنة الشعبية للدفاع عن المحرق على حقيقة مثل هذه المشروعات، فنحن في حاجة الى أن نطلع على خرائط وتراخيص ومناقصات... ومن دون الاطلاع على مثل هذه المستندات، فإننا نعتقد بأن ما ورد من تصريح على لسان رئيس المجلس البلدي هو كلام مرسل ليس هناك من الواقع ما يؤيده! كما إننا في اللجنة الشعبية في الدفاع عن المحرق نقول إن الدفاع عن المواطن هو دفاع عن الحياة للمواطن البحريني أيا كان انتماؤه الطائفي أو العرقي أو الديني أو أي كانت منطقة سكنه.

الفعاليات الشعبية ستستمر

الفعاليات الشعبية الرافضة للاستيلاء على الأراضي ستستمر، ولهذا يشدد هاشم على أن الاحتجاجات الشعبية ستتواصل وخصوصا عبر آلية العريضة الشعبية التي ستتناول ظاهرة الاستيلاء على الأراضي، ومخاطبة عاهل البلاد المفدى للتدخل لوقف عملية الاستيلاء هذه، ومنح القطع المحددة بعينها والتي تدفن لصالح أفراد الى المواطنين، وإننا سنقوم بجمع التواقيع في عموم محافظة المحرق بمدنها وقراها وضواحيها. وعما إذا كان هناك تنسيق بين اللجنة ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية يجيب هاشم قائلا: "في الحقيقة إننا في اللجنة سبق وأن دعونا جميع الجهات من خلال رسائل فاكس وجهت إلى مقارهم، ودعونا جميع النواب إلى المشاركة في الفعاليات الاحتجاجية، ونريد أن نؤكد على الرأي المعتمد قانونيا ومجتمعيا بأن نائب الشعب يسعى إلى تلمس وتحسس آلام الشعب ومتطلباته، ويسعى للمشاركة بصفته ممثلا للشعب بأسره. وهذا يعني أن نائب أي دائرة انتخابية - يواصل هاشم - يمثل الشعب في كل الدوائر وليس العكس! إذ إن النائب يجب ألا ينتظر دعوة مطبوعة أو وفدا يذهب إليه ليقول له: "تفضل بالمشاركة"! وإننا نتوجه بالشكر الى جميع النواب وأعضاء المجلس البلدي الذين شاركونا هذه الاحتجاجات، ونذكرهم حصرا بان النائب عثمان شريف قد شاركنا الاعتصام الأول، والنائب علي أحمد شاركنا الاعتصام الثالث، والشكر موصول أيضا لأعضاء المجلس البلدي الآخرين الذين شاركونا هذه الفعاليات.

ضغوط أم ابتزاز؟

السؤال الذي نراه مهما: "تعرضت اللجنة إلى ضغوط لثنيها عن التحرك؟" يجيب هاشم مؤكدا: "لقد تعرضنا عشية الاعتصام الأول الى حركة نصفها بأنها حركة "ابتزاز" لوقف التحرك من خلال "بعض" العناصر التي اشتغلت حديثا بالشأن العام، إذ قامت بعمليات اتصال عدة بأطراف مختلفة في اللجنة الشعبية المشكلة من خمسة وثلاثين عضوا، كما عممت رسائل هاتفية"سحس" لبعض الأعضاء، وخصوصا، وتعرضت لي شخصيا، لأنهم يعتقدون أنني أحد المتشددين في داخل اللجنة". ويعتقد هاشم بأن المشكلة كبيرة جدا، وتعني الوطن بأسره، ولا تنحصر في المحرق وحدها، وإننا نأمل أن تكون هناك انفراجات وتيسير على المواطن من هذه الناحية، إذ إن توفير قطعة ارض لأسرة يعني توفير 50 في المئة من دخلها على مدى عشرين سنة.

مشروع العريضة الشعبية

ويسعى الأهالي للتوقيع على عريضة يخبرنا عنها أمين سر اللجنة الشعبية لسواحل المحرق محمد إبراهيم الحدي الذي يبدأ حديثه بالقول ان تحركات اللجنة ستتواصل ولدينا الآن مشروع العريضة الشعبية التي ستدشن في العشر الأواخر من الشهر المبارك، ومن المقرر أن نعقد اجتماعا قريبا، ونتمنى من كل قلوبنا أن تتوج هذه الجهود الشعبية المتواصلة بإرجاع هذه الأرض للمواطنين ليكون "العيد عيدين"، فهذه الأرض هي مستقبل أبنائنا، ومن أجل ذلك كله نناشد جلالة الملك بألا ينسى أبناءه، وهو يتفق في هذا المجال مع ما طرحه رجل الأعمال عبدالله عيسى الكبيسي في حلقة الأمس بضرورة تحرك المسئولين لفتح ملف هذه التجاوزات حتى لا ينطبق على الوضع المثل القائل: "لو كل من يه ونير ما ظل في الوادي شير"! فلن تبق أراض لا في البر ولا في البحر إذا امتدت لها كل يد في حال من الفوضى واللاقانون.

عشرون مليار دولار!

يكشف رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" إبراهيم شريف عن تقديرات مهمة، فيقول... لقد طرحنا ورقة في شهر أغسطس/ آب الماضي تقدر الأراضي المسروقة بقيمة عشرين مليار دينار بحريني، ذهبت في جيوب ساسة ومتنفذين في هذا البلد على حساب الشعب، وهناك ما يقارب من 70 كيلومترا من الاراضي البحرية دفنت حتى الآن، ولو استخدمت نصفها فقط لحصل كل مواطن - غنيا كان أم فقيرا - على قطعة ارض مساحتها 5000 قدم مربع مجانا، فالبحرين لا تعاني من مشكلة أراض بقدر ما تعاني من فساد وسوء توزيع ثروة واحتكار القرار في يد قلة من المتنفذين. وفي حين يصف شريف التحرك الأخير "بالإيجابي" فإنه يستدرك ليقول... هذا التحرك سبقته تحركات شعبية كثيرة لحماية السواحل، فهناك الكثير من الأراضي البحرية تم دفنها، لكن المواطن يجب أن ينتبه لنقطة مهمة وهي أن بعض من يطرح هذه القضايا يطرحها لأسباب انتخابية بسبب قرب انتخابات 2006! فالقضية عادلة، ولكن في بعض الأحيان، قد يرفع هذه القضية من له مصالح ومآرب خاصة، ومع هذا فإننا مستعدون للتعاون مع الجميع". وبلغة المعارضة السلمية، يختتم شريف بالقول... نحن في المعارضة ساندنا التحركات الشعبية المطالبة بوقف استنزاف الاراضي والسواحل في كل مكان من البحرين، فدور المعارضة مساند على مستوى البلد، كما أن هناك ندوة كبيرة ستنظمها الجمعيات الأربع بالتنسيق مع الأمانة العامة الدستورية وسنطرح فيها ملف الاراضي بقوة.

آخر حبة في العنقود!

وليس أشهى من عنقود العنب الذي يلتذ به آكله حتى آخر حبة، فعضو مجلس المحرق البلدي الشيخ صلاح الجودر يشير إلى أن الأرض التي وقعت عليها الإشكال، هي آخر أرض يمكن أن تقام عليها مشروعات الإسكان بعد أن تم تمليك مجموعة كبيرة من الاراضي والسواحل، وحصلنا على وعود سابقة بأن تخصص هذه الأرض للوحدات الإسكانية، ولكن تفاجأ الأهالي بأن الأرض تدفن لمصلحة أحد المتنفذين، والأهالي هنا يقولون ان المتنفذ يريد أن يقسم الأرض الى قسائم للبيع! وينبه الجودر إلى أن الأزمة امتدت - بعد تجاهل مجموعة من نواب البرلمان وأعضاء المجلس البلدي - وعدم تجاوبهم مع الاهالي... المعضلة الأكبر أن الأهالي ينتظرون - منذ سنوات طويلة - مشروعا إسكانيا كبيرا، فلم ينجز من المشروع "الحلم" سوى 500 وحدة في منطقة البسيتين ضمن المكرمة الملكية، ونحن نريد من المسئولين أن يستشعروا المسئولية ويعلنوا عن وضعية الأرض، فهل ستخصص فعلا لمشروعات إسكانية؟ الجودر الذي شارك في الاعتصامات الثلاثة يذكر أن موضوع الأراضي أثير على نطاق واسع شعبيا، وخصوصا في المجالس الرمضانية "..." فعلى رغم غياب الكثير من الزعامات الدينية والوطنية، فإن المواطن العادي هو الذي بدا يتفاعل مع هذه القضية لأنها تمسه مباشرة، وهناك ثمة محاولات من بعض خطباء الجوامع لتثبيط الناس وثنيهم عن التحرك. وعن تحرك المجلس البلدي، يصرح الجودر بأن هناك توجها لاستيضاح الموضوع لدى وزارة الأشغال والإسكان على رغم عدم التجاوب! كنا نتمنى مشاركة أحد المسئولين المعنيين بالوزارة معنا في هذا الموضوع بالرأي لإكمال الحلقات، لكن نقول: "عسى المانع خيرا"، وهذا لا يعني أننا لن ننشر توضيح أية جهة على هذا الموضوع المهم. وفي وقت يتواصل فيه الدفان على مدار الساعة، فإن الأهالي ينتظرون بارقة أمل من المسئولين في المملكة للتجاوب مع هذا المطلب الشعبي الملح بوقف هذه السرقة والاعتداء على الحق العام... عقارب الساعة وحدها كفيلة بكشف الحقيقة، إذا لننتظر قليلا، وإن غدا لناظره قريب

العدد 1140 - الأربعاء 19 أكتوبر 2005م الموافق 16 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً