العدد 1140 - الأربعاء 19 أكتوبر 2005م الموافق 16 رمضان 1426هـ

بارسلي: تجديد حلم تدمير الإسلام

رود بارسلي، القس الأميركي ورئيس كنيسة "حصاد العالم" في مدينة كولومبس بولاية اوهايو، وهو صاحب العرض التلفزيوني "اختراق" الذي يشاهده الملايين من الأميركيين في انحاء الولايات المتحدة، جعل محور حلقاته اليومية أخيرا هو الحديث في الاسلام كما جاء في كتابه الذي استعرضه هنا لكم. بارسلي كاتب مسيحي محترم في الوسط "الجناح المسيحي المتشد"، وله علاقات وطيدة مع الجناح المتشدد في ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش. استعرض لكم فصلا من كتابه الجديد "لا للصمت أكثر..."، يستعرض فيه أهم الاخطار الحالية على الكيان الأميركي. ويؤسس فيه إلى اعتبار الاسلام من أهم الاخطار، إن لم يكن أخطرها على الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع المتقدم، ويذهب الكاتب إلى أن أميركا اسست على مبدأ القضاء على خطر الاسلام، بل انها اكتشفت من قبل كرستوفر كولومبس لا لشيء غير المواجهة مع الاسلام كما سيأتي. استغل الكاتب بعض الروايات غير الصحيحة المروية في كتب المسلمين، تارة للسخرية من الاسلام، وتارة لرمي جملة من الأكاذيب وكأنها حقائق من البديهيات من دون عرض أي دليل.

الإسلام وقدر أميركا

يقول الكاتب: "أنا لا أعتقد أن بلادنا تستطيع فعلا الوصول إلى هدفها الرئيسي إلا عندما نفهم الصراع التاريخي مع الاسلام"، ويضيف "الحقيقة أن أميركا تأسست جزئيا بقصد رؤية الدين المخادع مدمرا، وأنا اعتقد أن حوادث الحادي عشر من سبتمر/ أيلول كانت هاتفا لنا بأننا لا نستطيع أن نهمل الامر أكثر". يذهب القس الأميركي إلى اعتبار أن كرستوفر كولومبس كان يحلم بالانتصار على الاسلام، كان يسعى إلى جمع غنى هذا العالم الجديد نحو تحرير العالم القديم من الاسلام. يثبت الكاتب هذه الحقيقة بالرسالة التي وجهها كرستوفر كولومبس إلى الملكة ايزابيلا فرديناند من أراضي أميركا في رحلته الاولى: "أتمنى من الله أنني عندما أعود إلى هنا قادما من كاستل... أن أجد الذهب بكميات تجعل السلطة العليا في غضون ثلاث سنوات مستعدة لمباشرة استرجاع الأرض المقدسة. لقد التمست من سموكم تقديم جميع ارباح مشروعي وصرفها لاسترجاع القدس". ويعقب الكاتب بتوجيه هذا الجزء من الرسالة نحو سحق الاسلام بقوله: "كولومبس حلم بسحق القوات الاسلامية بواسطة القوات الاوروبية... هذا الحلم كجزء، كان بداية أميركا". تتجه نتائج هذا القس إلى ربط التاريخ الأميركي بمعاداته للدين الاسلامي، مستشهدا بأقوال من يصفه بأعظم الروحانيين الأميركيين وهو جونثن ادوارد في كتابه "تاريخ الخلاص" الصادر سنة .1773 يقول إدوارد "شيطان الدولة المحمدية لابد أن يدمر تماما... الامبراطورية المحمدية يجب أن تسقط عند ارتفاع صوت البوق العظيم". إن الكاتب يجعل هذه التوقعات بالمواجهة الحتمية مع الاسلام مركزا تسلطت عليه افكار المنظرين عبر التاريخ الأميركي. لم تكن حرب التحرير ضد القوات البريطانية سنة 1812 هي الحرب الأولى التي تخوضها القوات الأميركية - بحسب وجهة نظر الكاتب - ولكنها الحرب ضد القراصنة المسلمين القادمين من الشاطئ البربري لشمال افريقيا! بهذه العبارات الجارحة والقاسية يريد الكاتب أن يوجه نظر القارئ الى أن تاريخ أميركا تأسس على معادة الاسلام كدين لا كأفراد. وهو يسعى جاهدا إلى ربط حاضر الصراع الأميركي ضد الارهاب مع هدف من أهداف الوجود الأميركي ذاته وهو سحق الاسلام. يريد أن يمهد لهذا الصراع مع الدين الاسلامي بالاستناد إلى حقائق تاريخية يمجدها المواطن الأميركي. فهل يا ترى هذا هو فعلا ما يدور في خلد المتشددين داخل ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش ولاسيما حين يقول النائب في الكونغرس وولتر جونس: "مستقبل أميركا يعتمد على بطل خلوق مثل القس رود بارسلي"! "عندما يصل الأمر إلى الاسلام، فهو الآن أعدى عدو ديني لحضارتنا في العالم"، بهذه العبارة يفتتح رود بارسلي شرحه وتعاليمه عن الاسلام. ويضع ثلاث أسس مهمة عن حقيقة الاسلام، واعدا بأن يسرد البراهين الواضحه على مدعاه في إصدارات قادمة. أما القواعد الاساسية لحقيقة الاسلام كما يراها رود بارسلي فهي كما يأتي: أولا: إن إله النصرانية وإله الاسلام هما اثنان متباينان لا إلها واحدا. ثانيا: إن محمدا استقبل شريعته من الشيطان و لم تكن من الإله الحق. ثالثا: الاسلام معاد لدين النصرانية وهو الدين الذي يسعى إلى احتلال العالم عن طريق العنف. يتطرق الكاتب بعد ذلك إلى قصة بداية البعثة المباركة كما ترويها غالبية كتب المسلمين معقبا بملاحظاته أو لنقل بسخريته حتى يبتعد بالقارئ عن ذهنية التحقيق. ويعمد فيما يعمد هذا الكاتب إلى الأسلوب الرخيص في إلقاء ما يفهمه وكأنه من البديهيات من دون قرينة سرعان ما ينطلي على القارئ الساذج القليل المعارف بالعلوم الاسلامية. يقول رود بارسلي حين سمع الرسول المصطفى أول كلمات الوحي في غار حراء ما نصه: "محمد كان متخبطا وفزعا... لقد اعتقد حينها أنه الشيطان، ولكنه - أي الشيطان - بالخطأ أتاه بدلا عن كاهن نبي. لكنه - أي محمد - لم يكن ولم يملك أية فكرة لأن يصبح نبيا"، هل كان رود براسلي يعرف ما يدور في خلد الرسول حينها؟ هكذا يورد عباراته من دون قرينة ودليل. وبعد أن تلا جبرائيل على الرسول الآيات الكريمة "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم" "العلق: 1 -5". يعلق بارسلي بقوله "الآن محمد أحس فعلا ان هناك خطأ، فبعد هذا كله، انه لا يستطيع أن يتعلم أي شيء بواسطة القلم، لأنه أمي مثله مثل الاكثرية في ايامه. لقد أخطأ هذا الروح، لكن محمدا تكلم بكلمات على رغم أنفه، تكلم بما لم يفهمه، ولا يقدر أن يستوعبه دماغه. لقد كان متلبسا بالشيطان فعلا. لقد حدث الامر وصار بغضب كاهنا رغما عنه". من خلال استقراء الصفحات التالية في الكتاب عن أركان الاسلام وأركان الايمان وما إلى هنالك، لا تجد إلا ما هو قبيح في وصف الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم، ولعل القارئ لن يجد في كتابه ما هو اصرح وأدل عليه من جملته حين قال ما نصه "في الحقيقة، الله هو روح شيطانية، و محمد صار رجلا شيطانيا"... يختم الكاتب نصوصه عبر التعرض لأهم الأخطار التي يواجهها الشعب الأميركي وكيانه القائم الا وهو الدين الاسلامي. يدعو الكاتب الشعب الأميركي وإدارته إلى المخاطرة ببعض المصالح في مجال الطاقة وغيره في سبيل القضاء على ارهاب الاسلام. ويكرر مرات عدة في خاتمته - أن الاسلام كدين، هو دين إرهاب ويجب القضاء عليه و محوه، لا بواسطة الآلة العسكرية فقط، بل عن طريق مقارعته بالحجج. أخيرا، أكبر المشكلات تتجلى بوضوح إذا علمنا أن هذا الكتاب هو من الكتب الأكثر مبيعا داخل الولايات المتحدة الأميركية. * كاتب سعودي مقيم بالولايات المتحدة الأميركية





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً