تصدرت عناوين صحفنا وصحف العالم في الخمس السنوات الأخيرة مجموعة من الأمراض النادرة وهي الجمرة الخبيثة وحمى الوادي المتصدع وسارس ثم طواها النسيان ولم نتعلم منها أية دروس أو عبر. وها نحن اليوم نتعرض لغزو إعلامي بكل وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة بشأن مرض آخر وليس بأخير وهو مرض انفلونزا الطيور. ألا تذكرون كيف كانت الأنباء عن تلك الأمراض وكيف عيشت الناس في رعب بلا داع وجعلت الحكومات الخليجية تشتري أجهزة باهظة الثمن للكشف عن مرض احتمال وصوله اليها ضئيل جدا وها نحن اليوم والكل نسى الأمراض السابقة الذكر. وعادت أقلام القراء والصحافيين من جديد تطالب الجهات المسئولة باتخاذ الاجراءات والاحتياطات اللازمة لحماية البلاد من المرض المنتظر وهذا كلام جميل لا أشك أبدا في دوافعه في النهاية وراء كل سلوك انساني لفظي أو فعلي نية طيبة لكن قبل ذلك لنستعرض بعض المعلومات عن هذا المرض قبل اتخاذ أي قرار بشأنه. تم تسجيل أول حالة عن المرض منذ أكثر من مئة عام وذلك في ايطاليا! وكان المرض مقتصرا بصفة رئيسية على الطيور والدواجن، وعادة ما تكون الطيور البرية هي المخزن الطبيعي للفيروس من دون أن تعاني منه ولكن قد تنقله إلى الطيور الأخرى والتي بدورها تتراوح الاصابة لديها بدرجات متفاوتة بين قلة القدرة على التبييض حتى النفوق. وينتشر المرض بين الطيور في مزارعها وحقولها بشكل سريع فيؤثر على الحركة الاقتصادية للدول نتيجة موت مئات الملايين من الطيور. وينتقل المرض للانسان عن طريق ملامسة افرازات الطائر المريض، لذلك فان معظم من أصيبوا بالمرض كانوا من المربين والمتعاملين مع الطيور بصفة مباشرة. بينما نفق 051 مليون طائر في الوباء الحالي، هل تعلم عزيزي القارئ بان عدد من أصيب بهذا المرض من البشر خلال الوقت نفسه حوالي مئة شخص فقط في حين انه وفي الدقائق الأخيرة التي قضيتها في قراءة المقال مات المئات بل ربما الألوف في العالم نتيجة عادات تكاد لا تستوقف أحدا ألا وهي التدخين وتجاوز قواعد المرور من خلال السرعة وتجاوز الاشارات المرورية والسواقة تحت تأثير الكحول ومع ذلك لم نرى الاقلام المطالبة بتقنين المقاهي الشعبية أو الحزم مع منتهكي القواعد المرورية بلا مراعاة لحقوق الآخرين. أيعقل أن نخاف من مرض احتمال الاصابة به أقل من جزء في المليون ولا نخاف من تدخين شيشة يعادل الرأس الواحد منها 24 سيجارة والتي أجمعت الدراسات والبحوث على تأكيد اضرارها على المدخن نفسه وجليسه. ايعقل ان نهلع من مرض يصيب الطيور ونطمئن ونحن نسوق سياراتنا من دون مراعاة للقواعد المرورية؟ يكمن خوف الدول من المرض نتيجة ما قد يعرضها من خسارة اقتصادية كبيرة إذا ما وصل الفيروس لا قدر الله إلى مزارع طيورها فأين مزارع الطيور والدواجن التي نملكها في البحرين. كما انه يشاع بامكان أن يتحول الفيروس من فيروس خاص بالطيور إلى فيروس يسبب وباء انفلونزا البشر، كما حدثت في الأعوام 1891 والعام 5791 وأخيرا العام 8691 وبحسب ما يقول خبراء منظمة الصحة العالمية فإنه لحدوث ذلك يتطلب الأمر ثلاثة عناصر وهي أن يوجد فيروس جديد ويمكن أن يصيب الانسان وينتقل بسرعة من شخص لآخر وإذا ما نظرنا للوضع الحالي فإن الشرط الثالث غير محقق ولا أحد يستطيع الجزم بحدوث طفرة فلندع الغيب لله سبحانه وتعالى، ونسأله اللطف بنا فلا يوجد في العالم حتى الآن تطعيم للبشر ضد الفيروس لأنه ببساطة لا يعلم أحد كيف سيكون شكله هذا إذا تغير فلنكن متفائلين بأنه لن يتغير ولن يتحول إلى فيروس الانفلونزا. ونود أن نطمئن الجمهور الكريم بأن الجهات المعنية قامت بتحديد واتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية البلاد كمنع استيراد الطيور من المناطق الموبوءة ويتم التواصل مع المنظمات العالمية المعنية بشكل مستمر وان كان هناك حاليا خوف فهو مقتصر على الطيور وليس الناس. * رئيسة قسم التثقيف الصحي
إقرأ أيضا لـ "أمل الجودر"العدد 1139 - الثلثاء 18 أكتوبر 2005م الموافق 15 رمضان 1426هـ