أليس من حق العراق ان يعيش وان يبني مستقبله؟ لماذا نعمل على تحويل العراق من بلاد ما بين النهرين إلى بلاد ما بين النارين؟ لماذا نجهد دائما ان نحول وان نقتل مستقبله الديمقراطي الى دم مقراطي ينبعث منها رائحة الدم والاكفان؟ أليس من حقه ان يستبدل الظليمة بالغنيمة، والبنادق بالزنابق؟ سنوات وهو يحلم بصندوق اقتراع فلماذا نلزمه بصناديق الاتباع؟ لقد التقط رئيس الحزب الإسلامي محسن عبدالحميد الخيط للدخول في اللعبة الديمقراطية وها هو يحاصر ويشتم وصدقوني بعد أشهر سيكتشف المقاطعون خطأهم وصحة موقف الرجل في دعوته للاستفتاء على الدستور! العقلية العربية واحدة يسيل لعابها للصراخ والهتافات الرنانة التي لا تؤكل خبزا بل تبيع أكياس هواء، هذه الفنتازية الثقافية المسكونة بالاحلام المنتفخة وبالخيال المهترئ بالسمنة لا يمكن ان يفيد الشباب العربي ولا بلداننا العربية. هذا العقل الخرافي الوثوقي التبريري يزيدنا عبثية وتراجعا لا أحد يعلم ماذا نريد؟ الرفض هو سيد الموقف، النخب العربية بحاجة الى الدخول الى المصحات النفسية، مازال فينا من يبكي على أمجاد الماضي، ومنا من لم يصدق إلى الآن سقوط جدار برلين وتفكك الشيوعية، ومنا من لايزال يحلم بعودة صدام حسين ليحكم العراق، ومنا من لايزال مسكونا بعودة الامبراطورية العثمانية وعودة الخلافة ومنا من لايزال يحلم بعودة الاندلس ومنا من لايزال يرتل قصيدة نزار "قتلناك يا آخر الانبياء" في الرئيس الراحل عبدالناصر! العالم تغير وليس لنا مكان فيه بلا اخلاق وبلا علم وبلا اقتصاد، فلنكسر هذا التابو الغبي، فلنفكر كيف نلغي غرغرينة الشوفينية من أجسادنا المتقيحة، فلنعلم اطفالنا ان لا فرق بين عربي وتركي واعجمي، بين شيعي وسني الا بالتقوى، قدر العالم البشري ان يعيش بالمشتركات فلنلغ ثقافة أما الفتح أو الذبح. ما طرحه السيد قطب في "معالم في الطريق" من تكفير الانظمة وعودة الجاهلية في القرن العشرين ليس لصالح أحد. فلندعم دولنا العربية والخليجية فلا توجد دولة عربية كافرة أو شعب جاهلي. كلنا نقول: لا إله إلا الله. أقول: أليس من حق العراقيين ان يعيشوا؟ لماذا من حقنا كشعوب عربية ان نرى صناديق انتخاب وهو ليس من حقه ذلك، لماذا يحق لابنائنا ان يلعبوا ويتراسلوا بالانترنت وأطفاله لا؟ لماذا من حقنا ان نحمل في جيوبنا بطاقات ائتمان مصارف وليس للعراق بطاقات التموين... أليس من حقه ان يشترك في نواد صحية مثلنا؟ أليس من حقه ان يسكن ويلبس ويعيش ويرى الدنيا؟ لماذا يستثمر اليابانيون مآسيهم لصالح أوطانهم ومستقبلهم ونحن نستثمر مآسينا لقتل حاضرنا ومستقبلنا؟ ما حصل لليابان في 1945 أكبر وأشنع مما حصل للعرب العام 1948م. فأين هي اليابان وأين نحن؟ هتلر ذبح اليهود فقادهم الذبح الى العلم والاقتصاد والاعلام. نحن ذبحنا اليهود ومثلوا بنا فقادنا ذلك الى الجهل والتفكك والتخلف والقتل. حرب أهلية 17 عاما في لبنان، وحرب بين يمن شمالي ويمن جنوبي، وذبح في الجزائر وحرب خليج أولى وثانية وغزو - بعد رفع كل الشعارات الثورية الخابئة - لبلدة عربية. المشروع الصهيوني اقتضى 3 الى 4 أجيال وانجز نفسه لانه لم يعتمد سياسة حرق المراحل ولا القفز عليها ونحن كعرب نريد كل شيء في لحظة واحدة، اما كل العنب أو قتل الناطور. وتلك مأساتنا: من المستحيل أن تحب وتكون عاقلا كما وانه من المستحيل ان تكره وتكون عاقلا. فلندرس ابناءنا مقولات رجل الانسانية الرسول "ص": من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، انما بعثت لكم بالشريعة السمحاء، فتح مكة ولم يقتل احدا، صرخ أحدهم: اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة، فقال: اليوم يوم المرحمة. فلنعلم اطفالنا ان لا فرق بين شيعي وسني وكردي وعربي... الا بالتقوى
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1136 - السبت 15 أكتوبر 2005م الموافق 12 رمضان 1426هـ