في أجواء هادئة غير متوقعة أدلى ملايين العراقيين بأصواتهم في مراكز الاقتراع في استفتاء تاريخي أمس على دستور جديد يهدف إلى إعادة تشكيل البلاد بعد صدام حسين لكن يخشى كثيرون من ان يزيد الدستور من تفتيت العراق. ومع هذا الإقبال الكثيف والمشاركة الواسعة، قد لا يحصل المواطن العادي على مزيد من الاستقرار بالمقابل. وعلى رغم أن مجموعة كبيرة من السنة العرب أيدوا مسودة الدستور بعد تنازلات جوهرية "تتعلق بوحدة البلاد، وهوية العراق العربية، واستخدام اللغتين العربية والكردية في كردستان، وحقوق المواطنة التي يريد السنة وبعض الشيعة أن تنتقل فقط عبر الآباء وليس الأمهات، ومنع المحاكمة غير العادلة لأعضاء حزب البعث، علاوة على التغيير الجوهري الذي يسمح للسنة بتعديل الدستور بعد إقراره" الا أن هناك تنظيمات متشددة هددت بمهاجمة الداعمين للعملية السياسية. ومع ان مسألة تمرير الدستور لم تكن في يوم ما موضع شك، فليس واضحا ما الذي سيتغير أمنيا على المدى القريب وخصوصا إذا علمنا أن كتيبة عراقية واحدة فقط من الجيش العراقي الجديد من أصل 35 كتيبة هي في المستوى القتالي الأول، على رغم أن وزارة الدفاع الاميركية أعلنت في يونيو/حزيران الماضي أن ثلاث كتائب وصلت الى المستوى الأول. ان إعادة بناء القوات العراقية هو الحقل الأبرز الذي ينبغي أن تستثمر فيه الحكومة العراقية والولايات المتحدة مالا وجهدا من أجل أن يساعد اعتماد العراق على جيشه في خروج القوات الأجنبية المبكر من هذا المستنقع الذي أودى بحياة ألفي جندي أميركي حتى الآن. لكن ليس من الواضح ما إذا كانت خطة الرئيس الاميركي جورج بوش للخروج من العراق، التي تستند الى تحقيق خطوتين هما ان تؤدي الانتخابات المقبلة الى تأليف حكومة ديمقراطية، وأن تصل القوات العراقية الى مستوى يؤهلها لتخطيط وتنفيذ عمليات من دون دعم أميركي، ستنجح أم لا. فالتعديلات الدستورية الموعودة بعد الانتخابات المقبلة تبدو مستحيلة في ظل غالبية تنتمي الى الائتلاف العراق الموحد والتحالف الكردستاني. وهكذا فان تمرير الدستور لن يقلل العنف على المدى القصير، لكنه قد يساعد في تهيئة المسرح للعرب السنة المعتدلين في البرلمان المقبل، الامر الذي يساعد في المدى البعيد على خفض الدعم الشعبي للمقاومة المسلحة
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1136 - السبت 15 أكتوبر 2005م الموافق 12 رمضان 1426هـ