من باب أولى، حال انتقاد دعوة الأخ ناصر الشيخ عبدالله الفضالة لقيام تكتل أو كيان "سني"، أن ننتقد تشكيل المجلس العلمائي "الشيعي" وإلا أصبح القصور ملازما لرؤيتنا النقدية، ومعيبا من الناحية الوطنية، إذ نكون مبتعدين عن الخط الوطني العام في المدافعة عن جميع البحرينيين. ونكون منجرفين في تجريم تيار قبال تبرئة أو غض الطرف عن تيار آخر. وموضوع المواطنة وترسيخها - أعتقد - أنه يعلو على التيارين أو غيرهما من تيارات أو تجمعات سياسية/اجتماعية. كتبت في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004م عن المجلس العلمائي، ولم أخف سعادتي حينها بدعوة الشيخ عيسى أحمد قاسم إلى الوحدة الوطنية وتشكيل ائتلاف للسنة مع الشيعة في مجلس علمائي موحد - في نطاق القانون - بل وكنت معاتبا قاسيا لمشايخ أهل السنة والجماعة لعدم التجاوب مع تلك الدعوة؛ ولكن تفاجأت ومعي آخرون، بانفراد الشيخ قاسم وتشكيله مجلسا علمائيا لتيار واحد من الطائفة الشيعية الكريمة! وقطعا فإن مجلسا محصورا في تيار من الطائفة، أيا كانت تلك الطائفة التي ينتمي إليها مؤسسوه، فهو نقيض الوحدة الوطنية من جهة، ولا يخدم دولة القانون والمؤسسات من جهة أخرى، إذ إنه خارج عباءة الدستور والقانون، وأساسا فإنه لا يخدم أمنية ودعوة الشيخ عيسى السابقة إلى تشكيل مجلس علمائي مشترك بين السنة والشيعة. مضى على ما كتبت قرابة العام، والآن لعلني استذكر الموضوع الذي كتبته بشأن قيام المجلس العلمائي، والأمر ذاته ينطبق على الدعوة التي أطلقها الشيخ الفضالة، فالمواطنة الحقيقية تتعدى دعوة الشيخين قاسم والفضالة؛ الدعوة يجب أن تنطلق لجميع العلماء والمشايخ في البلد ليضعوا حدا لمختلف التوترات الطائفية، ويجب أن تكون في الوقت نفسه دعوة إلى لملمة الجروح وسبل معالجة النزعة الطائفية الطافية على السطح في السويعة الحاضرة. إن تأسيس كيانات أو مجالس خارج إطار المؤسسة الرسمية إنما هو يصب في إطالة أمد حال الإرباك الاجتماعي ويهيئ الأرض لمختلف الزوابع السياسية في المستقبل القريب. دولة القانون والمؤسسات من غير المقبول فيها قيام مؤسسات خارج القانون. وطالما طالبنا الحكومة، والتي لبت بعض المطالب، بشأن التمهيد لدولة القانون والمؤسسات - وإن كانت تلك التمهيدات أو التطمينات غير مرضي عنها بالكامل؛ إلا انها تعاطت بشكل مختلف عن السابق، وأبدت مرونة في شأن تحقيق بعض المطالب... أليس كذلك؟! العمل من أجل جميع المواطنين، ليس شعارا نرفعه فيما نسطره من عبارات وموضوعات أو نطالب به في المجالس المختلطة "السنية والشيعية"، بل يجب أن يكون واقعا نقوم بتطبيقه في جوانب الحياة المختلفة، في السياسة كما الاجتماع، في البيت والمدرسة، في الوظيفة الرسمية كما في العمل الأهلي، داخل إطار الطائفة كما في خارجها مع الآخر المختلف عقائديا كما مع الآخر المختلف مذهبيا. ولكننا نتحدث كثيرا عن الوحدة الوطنية والحقوق المواطنية ونمارس تقسيم المجتمع طائفيا ونقوم بنحر الوطن على عتبات الطائفة للتقرب من الطائفيين، وفي نهاية الأمر فإن دم الوطن يرشفه الطائفيون!
عطني إذنك...
نقاش احتد بيني وبينه، ووصل الأمر بعد أن أعيته الحجة والدليل، ونقض كلامه واقع الطائفتين الكريمتين المغرق في المعاناة والظلم الاجتماعي والمناطقي، فما كان منه إلا أن انحدر إلى أقل بدرجات من سوقية الشوارع بألفاظ وعبارات تدلل على مستوى حماقاته وذرائعيته التي يبررها بأنها "براغماتية"، واقطع "يدي ورجلي من خلاف" إن كان قد قرأ صاحبنا كتابا أو بحثا حول "البراغماتية"! فإن ثقافته هي الثقافة السائلة مخزونها "السوالف والهذره" في المجالس، فهي بالنسبة له "البرغماتية" التملق اللفد لأصحاب السلطة والنفوذ... ولكن ماذا نقول؟ "عمره ما تبخر تبخر واحترق... وفتح وشاف الديك!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1135 - الجمعة 14 أكتوبر 2005م الموافق 11 رمضان 1426هـ