الاجتماع الموازي لـ "منتدى المستقبل" الذي يضم ممثلي مؤسسات المجتمع المدني في الشرق الأوسط والذي سيعقد في مطلع الشهر المقبل استثنى الجمعيات والاحزاب السياسية من مداولاته. وبغض النظر عن ما يقال هنا أو هناك عن السبب في ذلك، فإن هناك رأيا فكريا يسود في الغرب ويقول هذا الرأي بأن الحزب السياسي ليس جزءا من المجتمع المدني. هذا الرأي يبرر الموقف المذكور على أساس أن الشأن العام في اي بلد تسيطر عليه مؤسسات "الدولة"، واذا كانت الدولة ديمقراطية فإنه يجب أن تتوازن مع مؤسسات "المجتمع" ومع المؤسسات الاقتصادية التي يشرف عليها "القطاع الخاص". وعلى هذا الاساس فإن "منتدى المستقبل"، الذي يضم وزراء خارجية الدول الصناعية الكبرى ووزراء خارجية الدول الشرق - أوسطية التي وافقت على المشاركة في المنتدى، طرح فكرة التعرف على آراء ممثلي "المجتمع المدني"، وكذلك آراء "القطاع الخاص". وعلى هذا الاساس فإنه وقبيل انعقاد "منتدى المستقبل" سيكون هناك اجتماعان موازيان، احدهما لمؤسسات المجتمع المدني، والآخر سينظمه "مجلس الأعمال العربي" وهو الذي من المفترض انه يمثل القطاع الخاص. الحزب السياسي في الغرب يعتبر جزءا من الدولة، أو انه طرف يسعى للوصول إلى الامساك بالدولة عبر صناديق الاقتراع. وهنا تكمن المشكلة، لان الحكومات في بلداننا ليست قائمة على اساس تنافس أحزاب عبر صناديق الاقتراع، والحكومات مازالت ناديا خاصا جدا لا يرده أحد من عامة الناس الا اذا كان ذلك ضمن معادلة معينة يمسك بها أصحاب النادي الخاص جدا. الحزب السياسي المستقل الذي يعتمد على أصوات الشعب ليس له وجود في بلداننا، وان كان موجودا فهو ربما في السجون أو مطارد او غير معترف به من الاساس "مثال ذلك الاخوان المسلمين في مصر". اما الاحزاب التي تعرض نفسها أحيانا في بعض البلدان العربية انما هي جزء من الديكور الرسمي الذي يراد منه تزييف الواقع والتسويق للنظام في هذا المحفل أو ذاك. وفي البحرين، فقد احتارت الاتجاهات السياسية بين السماح لها بـ "الانشغال" ولكن من دون "الاشتغال"، ومن ثم كان هناك "غض الطرف" عن النشاطات السياسية لجمعيات أهلية ممنوعة قانونيا من ممارسة العمل في الشأن العام، حتى جاء "قانون الجمعيات السياسية" الذي شعر بالخجل من الاعتراف بشيء اسمه "حزب"، لأن ذلك ربما يعتبر "عيبا" في منطقة مازالت تعتمد على أعضاء النوادي الخاصة لإدارة شئون الدولة. مع كل ذلك، فإننا نسبيا أفضل من الظلام المحيط بالمنطقة بمختلف أشكاله، وعلى الأقل فإن لدينا جمعيات تسمي نفسها "سياسية"، وربما انه من الأفضل عدم اطلاق مسمى "احزاب" عليها، لأن أمامها طريقا صعبا جدا لتصل إلى مستوى الحزب السياسي الديمقراطي الذي يعتمد اسس الديمقراطية والانتماء إلى الوطن، وليس كما هو حالنا، إذ يتم تغليب الانتماء القبلي والاثني والطائفي على الانتماء الوطني. ومثل هذا الحديث ليس اتهاما لاتجاه محدد، لأننا جميعا تحكمنا ثقافة واحدة تسمو فيها الاسس التي كانت تسود في عصور "القرون الوسطى" الأوروبية. الاحزاب السياسية عليها الانتظار إلى أن تصل إلى سدة الحكم ديمقراطيا ومن ثم يمكنها أن تشارك في "منتدى المستقبل" في المستقبل البعيد
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1135 - الجمعة 14 أكتوبر 2005م الموافق 11 رمضان 1426هـ