تعتبر حرية تدفق المعلومات شرطا من شروط المجتمعات الديمقراطية التي بدورها تضمن سهولة الحصول عليها من مصادرها، وذلك بحرية تامة من دون أية عراقيل أو عقبات تحد من الحصول عليها بل تبقى متوافرة للجميع. وتعد حرية تدفق المعلومات إحدى مفاخر الولايات المتحدة الأميركية وكنت أسمع عنها وحاولت الاطلاع على جانب منها وهو ما وفقت إليه لدى زيارتي إحدى المدن الأميركية إذ كان من ضمن أهداف الزيارة الالتقاء بمسئولي أحد مراكز الشرطة المحلية وعدد من الصحافيين الأميركيين المتخصصين في شئون الجرائم. وما لفت انتباهي بصورة مباشرة هو توافر سجلات عمومية عن كل القضايا التي يتعامل معها المركز من جرائم بسيطة كسرقة هنا وهناك إلى جرائم خطيرة تتعلق بما يعرف بـ "القتل المتسلسل" وبالحالات الخطيرة جدا. ويمكن لأي شخص كان أن يفتح أدراج السجلات الموضوعة في بهو المركز التي تصف في أوراق مطبوعة ثم تجمع في آخر اليوم لتنقل إلى السجلات العامة الموجودة في المكتبة العامة المعنية بمدينة الولاية، إذ بالإمكان قراءة التفاصيل من الألف إلى الياء والاستفسار من المسئول عن مزيد من المعلومات وبالتالي فإن الصحافي أو الباحث الأميركي يستطيع من خلال ذلك إعداد التقارير والتحقيقات المعتمدة على الأرقام الدقيقة والوقائع المسجلة والمثبتة في محاضر متوافرة لعموم الناس والمهتمين. الشيء ذاته مطبق في المحاكم، إذ يتسنى حتى للصحافي المحلي الاطلاع على محاضر القضايا المختلفة بسهولة ويسر ومن دون منعه أو حتى التحفظ باعطائه أي شيء من قبل سكرتارية المحاكم أو حتى المسئولين المعنيين. هذه التجربة الفريدة جعلتني أقارن بين ما هو مطبق عند الأميركان وما هو غير مطبق عندنا في البحرين والمنطقة العربية. فنحن كبحرينيين بحاجة ماسة إلى ان نتعلم من هذه التجارب ونفتح الملفات لعامة الناس لكي يستطيعوا ان يطلعوا على قضاياهم من دون الاعتماد على الإشاعات والقيل والقال والأخبار غير الصحيحة. فهذه أمور ليست صعبة وكل ما نحتاج إليه هو قرار سياسي وتدريب لمن يقومون حاليا بدور العلاقات العامة ومن ثم توفير الوسائل المناسبة لضمان حرية تدفق المعلومات الشريان الحقيقي للمجتمعات الديمقراطية... هذا إن أردنا ان تكون تجربتنا البحرينية وديمقراطيتها كاملة
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1133 - الأربعاء 12 أكتوبر 2005م الموافق 09 رمضان 1426هـ