يجزم الكثير أن العقوبات المبتكرة الجديدة التي تسلط حاليا على الجماهير وأنديتها الواحدة تلو الأخرى بعيد ترديدها أهزوجة «يا لايم يا لايم» ما هي إلا صناعة المؤسسة العامة للشباب والرياضة وليس الاتحادات الوطنية، ويرى هؤلاء أن الحل الوحيد الذي يبعد هذه الأخيرة عن الدخول في مواجهة لن تحمد عقباها من أنديتها الأعضاء والجمعية العمومية هو شجاعة إداراتها في تقديم استقالتها عن مواصلة العمل في هذا المجال، أو وضع النقاط على الحروف وإيضاح السبب وراء اعتمادها مثل هذه القرارات الفاشلة والقاسية والظالمة بحق الجماهير وأنديتها ودوريها، وخصوصا أنها تتباكى عندما تجتمع بالأندية لتخبرها بأمر العقوبات بأنها مفروضة عليها وأنهم أمسوا في هذه الحال «عبيدا مأمورين» يطيعون ما يشيره عليهم أربابهم.

بعد جماهير الشباب جاء الأهلي والآن التضامن ولا ندري من هو التالي، لا سيما وأنه لم يتبق من الأندية التي يحق لها إدخال جماهيرها سوى 3 أندية، بمعنى أن مدرجات كرة اليد ستبقى خالية طوال المباريات المتبقية وهي خالية في الأساس، وهذه خسارة فادحة جدا للدورة السداسية التي كنا نأمل فيها استعادة المباريات الجميلة التي تمتلئ بها المدرجات عن بكرة أبيها، كما حدث في اللقاء الختامي بين باربار والأهلي والتي أعادت لنا الصورة التي كنا نطمح إليها في كل المباريات، فإذا باتحاد اليد يواصل المسرحية المكشوفة باعتماد قرارات ظالمة جديدة على جمهور الأهلي والتضامن، فكيف يا ترى بنا لو رددت الجماهير الباقية هذه الأهزوجة وحينها سنقول بأن على الدوري السلام، لأنه بالتأكيد لن يكون لزاما عليهم إقامة مباريات من دون وجود جماهير «الملح الطبيعي للمباريات».

لا أعتقد أن الرعاة الرئيسيين لبطولتي اتحادي اليد والسلة سيرضون بما يحدث من معاقبة الجماهير، لأنها قدمت دعمها بالشكل الرئيسي من أجل الدعاية ورؤية الجماهير تنمّي المسابقة التي ترعاها ليتحدث بعدها هؤلاء عن نجاح الراعي في تطوير المسابقة، لكن في هذه الحالة سيكون من الطبيعي أن لا تصيبنا صاعقة عندما يفشل الاتحادان في تسويق المسابقتين في الموسم المقبل، أو على أقل التقادير مسابقة كرة اليد التي تتراجع شعبيتها يوما بعد يوم وزادتها هذه العقوبات الظالمة «تعاسة»، وبالتالي لن يحتمل الراعي دفع هذه الأموال الطائلة من دون أن تحقق له هذه الرعاية التسويق اللازم لمؤسسته، لأن هذا الراعي لن يدفع في مقابل لا شيء وهذا تعرفه الاتحادات.

أجزم أن أعضاء اتحاد اليد وبعض أعضاء اتحاد السلة غير راضين تماما عن الوضعية الكريهة التي وضعتها المؤسسة العامة لهم في أول سنوات ولايتهم للاتحاد، وأن هناك جدلا كبيرا بينهم على عدم صحة تطبيق هذه القرارات لعدم قانونيتها وغياب البند الصريح في قانون المسابقات المختلفة لتسليط مثل هذه العقوبات على الجماهير بمجرد قولها عبارة لا «تودي ولا تجيب»، وما تفكير البعض وتهديده بالانسحاب وتقديم استقالته من الاتحادين نتيجة هذه العقوبات إلا دليل واضح على أنه لا صحة لما تقوم به المؤسسة وأنها تنفرد بإصدار قرارات هم أحرى بإصدارها نتيجة انتخابهم من قبل الجمعيات العمومية.

الأسبوع الماضي شهد محاولة مكشوفة من اتحاد السلة لتوضيح أن عقوباته جاءت مطابقة لتوصيات الاتحاد الدولي، بأنه تلقى ردا بصحة عقوباته ومواجهته للشيلات الدينية أو السياسية أو العنصرية أو التمييزية وكأنها تريد أن تقول بأن «الأهزوجة» المشكلة هي إحدى هذه الأمور، وفي الأساس لم يكن لزاما على الاتحاد أن يراسل الاتحاد الدولي في مثل هذه الأمور، وأن يراسله في موضوع كمشكلة حسين تقي، وبالتالي إذا كانت هذه الأهازيج دينية فإن ديننا المختلف عن أصل الاتحادات الدولية لا يلزمنا بتطبيق كل ما يطلبه هذا القانون، لأنه في الأساس لا يريد الانتشار لهذا الدين، ولعل قول رئيس اتحاد السلة بأن ذكر الأئمة المعصومين ليس المشكلة هو التأكيد.

أما إذا كانت سياسية أو عنصرية أو تمييزية فإننا نؤكد غير ذلك، وإن كانت فإنها لا تستدعي إيقاع مثل هذه العقوبات، ولنا في تسليط الاتحاد الإيطالي لكرة القدم الأسبوع الماضي عقوبة إيقاف جماهير نادي يوفنتوس لمباراة واحدة « أكرر لمباراة واحدة» نتيجة عباراتها العنصرية تجاه لاعب إنتر ميلان الإفريقي الأصل ماريو بالوتيللي المثال، وهذا اتحاد عالمي وليس اتحاداتنا التي أشبه ما تكون باتحادات «هاوية».

الجدل الدائر حاليا بسبب الأهزوجة المشكلة يجب أن يتوقف وأن تلغى كل هذه العقوبات التي وضعت حملا جديدا على الأندية الوطنية التي ستعمل في الأيام والسنوات المقبلة اللعب من دون جماهير وإعلان براءتها من جماهيرها لأنها ليس لها سلطان عليهم وليس لها القدرة على دفع المبالغ الكبيرة التي ستكلفها هذه الجماهير وبالتالي سنعيش حينها وسط قوانين الغاب.