العدد 1133 - الأربعاء 12 أكتوبر 2005م الموافق 09 رمضان 1426هـ

"قصائد مجنونة جدا" تبحث عن بطولة غائبة

"صبي فقلبي لم يعد يرتاح/ أبدا ولا تشفى غليلي راح/ وبأي شيء أستعين على دمي/ فأنا الجريح وخصمي الجراح". هكذا استهل قيس قوقزه ديوانه الاول "قصائد مجنونة جدا" وكانت المواجهة بين الشاعر وبين الزمن مقتنصا اللحظة الشعرية ليجعلها نابضة بالحياة. وبدأ الشاعر ديوانه بقصيدة بعنوان "من مذكرات الشاعر الجاهلي" اذ تتبدى لحظة الاصطدام بالواقع الراهن المجنون في كل شيء. زمن تقلب الاشياء... فهذه لحظة التصادم مع الواقع والبحث عن محطة امل في سوداوية العتمة الجاثمة يبشر بها الشاعر في رحلته الباحثة عن الشعر الموجوع او وجع الشعر المتدفق كشلال على نبض الكلمات الموغلة في ليلها الطويل. ولا ينشغل الشاعر في محاولات التجريب التي يغرم بها شعراء شباب في ظل ما بعد الحداثة فهو يترك للشعر ان ينساب تماما انسيابية النبع الصافي ولا يميل الى الحداثة البنيوية المقصودة لذاتها عند الكثير من الشعراء الشباب الذين يجنحون الى الرمز الموغل في ضبابيته والى البنيوية المفرطة في تشظيها. ويشد الشاعر المتلقي نحو ارتياد معالم شعره النقي الصافي اذ يدرك بفطرته ان الوضوح سمة من سمات الشعر الجيد وان تحميل النص ما لا يحتمل من تأويلات هو في النهاية مرتع لكل مشوه وطارىء ليس له من اساس إلا اللهث وراء الغموض الذي طالما قتل الكثير من شعراء الحداثة في هذا العصر وجعل بينهم والمتلقي هوة واسعة. وفي قصيدة "هوس" التي أفردها الشاعر لـ "نينوى" التي قد تكون المعشوقة او الاخرى المدينة التي هي من تراب وماء ونهر وسط لهفته واحساسه بالضياع فيهتف... "يا نينوى... وحدي وراء الباب مذبوح أصيح هل أنجبت عيناك مثلي شاعرا... صلبا يموت ولا يبوح... عيناك تسألني وكحل رموشها ثمل كمنديل الوداع يلوح". ويبدو الشاعر قوقزة مخلصا لروح الشعر وايقاعه في كل ديوانه فهو يراوحه بين الشعر العمودي والحر الموزون المقفى فهو غير مكترث بلعبة أو لعنة قصيدة النثر التي مازالت على رغم مرور العشرات من السنين على ولادتها القيصرية في الادب العربي تراوح مكانها وتطل باستحياء على القارىء العربي الذي اعتاد ان يكون لشعره وقع تماما كوقع سنابك الخيل وهي تخلخلل سكون ليله الطويل او كوقع حداء القوافل وهي موغلة في عنادها نحو صبح قادم. قيس قوقزة شاعر يمتلك أدوات الشعر... وهو بلا شك مقبل إلى الساحة الشعرية وهذا ما ينبىء به ديوانه الاول المشوب بالوجع والاسى الذي يحمل ضمير الانسان العربي الجمعي في بحثه عن البطولة الغائبة من الواقع





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً