عندما يأتي الحديث عن المطالب المعيشية، فإن المطلب الأهم لمعظم البحرينيين يتركز على الإسكان، وكيف ومتى سيحصل المواطن على وحدة سكنية تتناسب مع كونه مواطن في دولة ليست فقيرة. وفي الوقت الذي يقرأ فيه المواطن عن طموحات لتحديث المناطق الحضرية التي ستعتمد نظاما جديدا للتخطيط ويقدم بيئة تناسب نوع السكن في القرن الحادي والعشرين، لكن ما يحصل فعلا هو استمرار تفاقم الأزمة الإسكانية بشكل متسارع.
وببساطة فإن ماهو متوافر من نوعية وكمية للمنازل لا يتناسب مع حجم المشكلة، هذا في الوقت الذي لم يعد بإمكان المواطن العادي شراء أرض لأن ما تبقى من أراضٍ أصبح قليلا جدا في البحرين.
إن من واجب الدولة أن تضمن أفضل بيئة سكنية وتربوية وتعليمية ورياضية وخدمية للمواطنين، ومن واجب الدولة أيضا أن تحدد نوع المباني في كل منطقة، بدلا من العشوائية الحالية إذ يفاجأ الناس بتغير تصنيف مناطقهم، و بعمارات تبنى إلى جوار منازلهم غير المرتفعة.
والسؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين هو أي نوع من المناطق السكنية والأماكن العامة نريد؟ وهل فعلا ستتحول البحرين إلى كنتونات، أية عبارة عن مجمعات مغلقة ومدن مسيجة، بينما يتكدس المواطنون ومعهم الآسيوين في بقع تشبه العشوائيات الهندية أو المصرية أو حتى قطاع غزة؟ وكيف سيمكن لنا أن نرى هذه الفروقات الكبيرة في الأحياء من دون أن تكون هناك تبعات لذلك؟!
وبنظرة فاحصة للمخطط المستقبلي 2030 يشير إلى خلق شبكة طرق السريعة والشوارع البديلة عما هو موجود وهو ما يعني أن طريقا للطبقة المسيجة التي تسكن وتعمل في مدنها المغلقة التي تعيش في مناطق تشكل عصب الاقتصاد لاستثمارات الدولة بينما ستترك المناطق الأصلية والمفتوحة في عشوائيات لا تمثل أي استثمار ولا مكان يعيش فيه الميسور ولا الأجنبي ولا المستثمر بل قد تتحول إلى أماكن تكثر فيها أشد حالات المجتمع رداءة وهذا إن لم يحدث بشكل واضح في وقتنا الحالي فإنه يأتي زمن أبنائنا وأحفادنا فإن تلك المناطق ستضيق من كثافة سكانها المحصورة في حدود معينة ومختنقة ومبعدة عن مدن الطبقة المسيجة.
واليوم عندما يمر الشخص بسيارته في أزقة ضيقة يرى الأطفال يلعبون الكرة في الزقاق الضيقة لأنه لا توجد مساحات مخصصة للعب، ولا توجد مراكز للتسوق، بينما الكراجات تحولت إلى دكاكين ومكاتب، وترى بائع الخضرة جنبا إلى جنب مع مكتب مخصص لشركة سفريات، وتجد حلاقا آسيويا بعد ذلك، ومن ثم تزدحم السيارات الواقفة بالسيارات المارة بحاويات قمامة ممتلئة تتناثر منها الأوساخ تكون مرتعا للقطط وللغربان، ومن ثم ترى حائطا يعزل الناظرين عن مجمع يحتوي على أرقى الفيلل ومن هو بالداخل لا يرى من هو بالخارج، والعكس صحيح، وهذا يعني أن التخطيط العشوائي هذا يحتاج إلى معالجة مباشرة لكي نستطيع أن نحلم بمناطق حضرية تناسب القرن الحادي والعشرين.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ