يثير الدور الحساس الذي تلعبه "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" كثيرا من الأسئلة بشأن منحها مناصفة مع مديرها محمد البرادعي، جائزة نوبل للسلام. إذ هناك إشكال في الدور المزدوج الذي تلعبه الوكالة كمشجع لقطاع الطاقة النووية وناهيك عن انتشار السلاح النووي. إلا أن كثيرا من الأوساط أعربت عن أن هذا التكريم جاء في وقته المناسب ليذكر بضرورة إحراز تقدم في مجال منع انتشار الأسلحة النووية ونزع السلاح، في وقت لاتزال أسلحة الدمار تشكل خطرا كبيرا. وعلى رغم أنه ليست هذه المرة الأولى التي يكرم فيها موظفو المنظمة التابعة للأمم المتحدة بجوائز نوبل منذ أن قدمت إحياء لذكرى مخترع الديناميت في العام ،1901 فإن منحها في هذه الظرف الدقيق يمثل لسعة وإن كانت خفيفة للرئيس الأميركي جورج بوش بعدما رفض البرادعي بشجاعة أن يقدم إليه وإلى إدارته حجة لضرب العراق. لكن من ناحية أخرى يبدو تخصيص الجائزة لهذه الوكالة التي تمثل شرطة دولية تهيمن عليها أميركا فيه تحريض واضح من أجل التشدد تجاه الملف النووي الإيراني. وعلى رغم أن الملف الإيراني لا يحتوي على مشكلات قانونية، كما أن طهران تعاونت بشكل جيد مع الوكالة وموظفيها ومع الأوروبيين، فإنه مطلوب من البرادعي تشجيع وترجيح الرؤية السياسية على الرؤية التخصصية والقانونية بشأن هذا الملف. وهكذا أصبحت للجائزة أهداف سياسية موجهة مثلما حدث مع الناشطة الإيرانية في حقوق الإنسان شيرين عبادي العام .2003 ولا نستبعد أن تمنح الجائزة قريبا لمحكمة الجرائم الدولية حتى تضيق على الدول "المارقة" في نظر الغرب خصوصا أن الإدارة الأميركية ترفض حتى الآن الانضمام إلى هذه المحكمة. لكن الأمر المحزن في هذا الجو البهيج هو أنه على رغم كل جوائز السلام التي تم تقديمها فإن لدى الناس الكثير من خيبات الأمل والإحباط العميق والتشويش، بسبب تواصل الفقر والكوارث الطبيعية، علاوة على الخلل الإنساني تجاه التعاطي بعقلانية من أجل حل الخلافات من خلال المفاوضات. ولكن دعونا نتفاءل من أن تتمكن الوكالة الدولية من النجاح في جعل العصر النووي تحت نوع من المراقبة المنظمة والحياد، وإلا كان ثمن الفشل باهظا للغاية
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1132 - الثلثاء 11 أكتوبر 2005م الموافق 08 رمضان 1426هـ