هدم جدار بموازاة جدار المالكية "الذي كان قد بني للتو" أمر استغرق وقتا ليس بالقصير، إلا أن مسح مسجدين أثريين يعود عمرهما إلى أكثر من مئة عام، وتسويتهما بما فيهما، كان أمرا في غاية البساطة واليسر، فبالنسبة للأول كانت الجهات الأمنية والبلدية تمنع تعدي الأهالي عليه لحين صدور أمر قضائي أو سياسي بشأنه، أما فيما يتعلق بالثاني فكان من دون مراقبة أو تفقد على رغم أن ممثل المنطقة "العضو البلدي" قد أخطر رجال الأمن بالموضوع فور علمه بادعاء إحدى الجهات ملكيتها للأرض، كما أنبأهم باحتمال تعرضهما للتعدي والتخريب. إن السكوت عن هدم المسجدين وعدم معاقبة من قام بهذه الفعلة، يفتح الباب على مصراعيه لاستباحة حرمات الله في كل مكان في المملكة، فمن هو ضعيف النفس، سيئ القريرة لا يخاف الله ولا يخشاه، بإمكانه أن يفعل ما هو أسوأ مما جرى، والعقوبة القاسية ستكون الرادع له ولأمثاله. الحادثة التي وقعت بحاجة إلى وقفة جميع مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها علماء الدين "شيعة وسنة"، والذين من واجبهم شجب واستنكار هذا التصرف بداية مع تبيان عقوبته الإلهية في الدنيا والآخرة، ومن ثم التأكيد على لحمة وترابط أفراد هذا الوطن حتى لا تثار النزاعات الطائفية والمذهبية التي يسعى البعض إلى إشعالها لزرع الفتنة وشق الصف وجعل الناس يدورون في حلقة مفرغة ليس لها بداية أو نهاية. وتواصلا مع ما ذكر عن الحادثة، يلاحظ أن هناك تحديا لإرادة ووجود المجلس البلدي، ففي حين أعطى القانون الحق للأخير في الرقابة وضبط المخالفات، نرى أن هناك جهات تصر على تهميش دور المجالس وتصغيرها في أعين المواطنين، وهو أمر لا يخدم المشروع الإصلاحي ولا يدعم التجربة البلدية الوليدة التي لم تتخط عمرها السنة الرابعة بعد، فمن كانت لديه القدرة على هدم مسجدين متحديا القانون والأعراف وكيان المجلس البلدي، فهو قادر على إقناع الجماهير بالعزوف عن الانتخابات البلدية
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1130 - الأحد 09 أكتوبر 2005م الموافق 06 رمضان 1426هـ