العدد 1130 - الأحد 09 أكتوبر 2005م الموافق 06 رمضان 1426هـ

تنمية بشرية 1 - 2

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

عودة للحديث عن التنمية البشرية التي شهدت تراجعا وفقا للمعايير الدولية التي أعلنت أخيرا، ووفقا لما نشاهده على أرض الواقع من تراجع في مستويات المعيشة، وبروز مشكلات تعليمية حقيقية، علاوة على تفاقم أزمة السكن والخدمات الأساسية، نرى أن جانبا من أسباب هذه المشكلات هو تغييب مشاركة المواطنين في عملية دعم وادامة عملية التنمية. تعدد تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الامم المتحدة نماذج مختلفة من التنمية، إذ لم يعد مفهوم هذه التنمية مقتصرا على تحديد معدلات النمو الاقتصادي، بل لا بد من النظر إلى محتوى ونتائج هذا النمو. ووفقا لذلك فهناك النمو العديم فرص العمل الذي ينمو الاقتصاد فيه عموما من دون ان يحقق زيادة في فرص العمل المتوافرة. كما ان هناك النمو العديم الشفقة الذي يزداد فيه الغني غنى والفقير فقرا، وهناك النمو الاخرس الذي ينمو فيه الاقتصاد الا ان عمليات الديمقراطية وتمكين غالبية السلطات لا تستطيع مواكبة هذا النمو وهناك ايضا النمو العديم الجذور الذي تدفن فيه الحكومات المركزية الهوية الثقافية للاقليات، وهناك اخيرا النمو العديم المستقبل الذى يبذر فيه الجيل الحاضر الموارد التي ستحتاج إليها الأجيال القادمة. ويقول أحد رؤساء تحرير هذه التقارير إن كثيرا من الناس يشعرون بالقلق خشية ان تكون التنمية تقلص حظوظ المستقبل بدلا من ان تزيدها وليس هناك ابعد عن الحقيقة من هذا الكلام. فالتنمية البشرية والنمو الاقتصادي صنوان لا يمكن الفصل بينهما. فلا يمكن للنمو الاقتصادي ان يكون مستديما من دون تنمية بشرية وان وضع استراتيجية للنمو الاقتصادي محورها الانسان وامكاناته الإنتاجية هو السبيل الوحيد لفتح الابواب لفرص جديدة. وصحيح ان هذه التقارير تدعو الى وضع ميثاق للتكامل الاجتماعي والاقتصادي بين الشمال والجنوب للعمل معا من اجل تحقيق اهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وعلى رغم صحة هذه المنطلقات والاهداف فإن الطريق إلى تحقيقها ملئ بالاشواك والمصاعب التي نجد ان الدول الصناعية، واحيانا بعض منظمات الامم المتحدة مثل صندوق النقد الدولي قد اسهم في زرعها. وقد لا يكون المجال ملائم هنا للدخول في تفاصيل هذا الموضوع الا انه اصبح واضحا ان المصالح الاقتصادية باتت محركا رئيسيا للصراعات السياسية وحتى الاقتصادية وكثيرا ما حاولت الدول الصناعية التصرف على اساس ان الايفاء بمصالح الدول النامية يعنى التنازل عن جزء من رفاهيتها الاقتصادية والاجتماعية مما يدخل الاثنين في مواجهات مستمرة تأخذ مختلف الاشكال المشروعة وغير المشروعة. وهكذا فان الطريق الى تحقيق اهداف ومنطلقات التنمية الاقتصادية والبشرية كما رسمها التقرير الدولي سيعتمد على اكثر بكثير من مجرد تصفية النوايا وتنقيتها. ان القادم من الأيام يحمل تحديات أكبر لمعطيات وحقائق التنمية البشرية في البحرين ومن شأنها ان تسلط الضوء بصورة اشد على نقاط الضعف فيها، خصوصا فيما يتعلق بالضغوط المتزايدة على انماط ومستويات المعيشة الهشة ا التي اوجدتها سنوات السبعينات والثمانينات. لذلك فإن إعادة صوغ برامج التنمية الاقتصادية بما يؤمن تنمية بشرية وطنية حقيقية ومشاركة اجتماعية أوسع يمثل في الوقت نفسه مدخلا رئيسيا لتجاوز تلك الضغوط والحفاظ وتطوير ما تحقق من انجازات

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1130 - الأحد 09 أكتوبر 2005م الموافق 06 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً