رؤية البحر والجلوس على شواطئه والتأمل في الأفق الواسع من فوقه هو الأمر الأكثر صعوبة في جزيرة البحرين التي يحاصرها البحر من جهاتها الأربع. في رحلة عائلية قمت بها في آخر إجازة أسبوعية بدأت المسير فيها من البديع حتى بلاج الجزائر، وأنا أحاول جاهدا أن أبحث عن منفذ بحري لأقنع أولادي بأننا نسكن في جزيرة تحيط بها المياه من جهاتها الأربع، فلم أجد من تلك المسافة الطويلة إلا منفذا بحريا أو اثنين ربما ثالثهما ساحل بلاج الجزائر. كانت الأسوار الشاهقة تحجب رؤية البحر، وكانت الأشجار المتدلية ثمارها على تلك الأسوار تحول بين المارة ورؤية البحر، انتهت الرحلة التي تتعب النفس قبل الجسد ولم أستطع أن أشرح "معنى جزيرة" لأطفالي الذين طالما سألوني ما معنى أن البحرين "جزيرة". بعد الرحلة المتعبة بيومين سمعت ابني يقول لأخته: "إن الجزيرة تعني أن تحاط اليابسة بأسوار شاهقة"! وأضافت ابنتي بقولها: "وأن تتدلى عليها الثمار اليانعة التي لا ترى إلا خلف تلك الأسوار"! كل دول الخليج هي "أشباه جزر وليست بجزر" ولكن يمكن لزائرها أن يستمتع برؤية البحر من أي مكان أراد وفي أي وقت أراد، ففي عمان مثلا تجد ملاعب كرة القدم الشعبية على السواحل، وفي دبي تجد الشوارع لا يفصل بينها وبين البحر مبنى ولا سور شاهق، فالشواطئ هناك مشرعة، وفي "جزيرة البحرين" الجزيرة التي ارتبط كل شيء فيها بالبحر حتى اسمها تجد البحر "منفيا" عن هذه "الجزيرة"