العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ

مركز «المناصحة» خط الدفاع السعودي الأول ضد الإرهاب

يؤكد عبدالله الهمامي أن الصور الشهيرة لمعتقلين عراقيين يتعرضون للتعذيب على يد عسكريين أميركيين في سجن ابوغريب كانت السبب الرئيسي لاختياره طريق «الجهاد».

ويقول الهمامي لوكالة فرانس برس خلال زيارة إلى مركز إعادة التأهيل أو «المناصحة» نظمتها وزارة الداخلية السعودية «أردت أن أقتل أميركيين». لكنه اعتقل في جنوب السعودية بينما كان يهم للتوجه إلى العراق في 2005 وأمضى 44 شهرا في السجن.

أما اليوم يعتبر الهمامي أن ما أراد فعله كان خطأ، ويوضح «كانت لدينا صورة مشوهة عن مفهوم الجهاد».

وهذا المركز الرائد في السعودية لإعادة تأهيل المعتقلين السابقين في غوانتنامو والناشطين في تنظيم «القاعدة» الذين يعتقلون داخل البلاد أنشىء باقتراح من مساعد وزير الداخلية السعودي للشئون الأمنية الأمير محمد بن نايف.

والهمامي عائد للتو من حصة تعليمية قاد خلالها الشيخ أحمد حميد جيلاني المبتسم دائما حلقة حوارية عن مفهوم الجهاد.

و»مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية» هو خط الدفاع الأول للمملكة في مواجهة تنظيم «القاعدة» ويهدف إلى منعه من التقاط أنفاسه بعدما تمكن بين 2003 و2006 من تنفيذ سلسلة من الهجمات الدامية، ما دفع بالسلطات إلى شن حرب دون هوادة عليه.

وأدخل إلى المركز أكثر من 270 شخصا بينهم 117 من العائدين من غوانتنامو، بهدف إعادة دمجهم في المجتمع وحثهم على التخلي عن «الفكر الضال».

ويمثل المركز نقيضا لغوانتنامو حيث مورست وسائل تحقيق قاسية، فالسلطات السعودية تؤمن لنزلاء المركز الطعام بوفرة وتضمن لهم الترفيه والدروس التي تؤكد لهم أن نواياهم كانت طيبة على الأرجح وإنما سلكوا الطريق الخطأ.

وقال الهمامي «الآن أعرف ما هي قواعد وشروط الجهاد (...) أولا أن الجهاد يحتاج موافقة الحكومة، وثانيا يحتاج لموافقة أهلي».

من جهته، يقول مدير الأمن العقائدي في وزارة الداخلية عبدالرحمن الحدلق، «إن المقاربة القاسية ليست المقاربة الوحيدة».

ولا يخفي المسئولون السعوديون فخرهم إزاء المعدلات المنخفضة للذين يعودون إلى فكر تنظيم «القاعدة» بعد خروجهم من المركز. ومن بين المعتقلين السابقين من غوانتنامو، عاد 11 فقط للالتحاق بنشاط «القاعدة»، خمسة بينهم اعتقلوا وخمسة لا يزالون فارين. وواحد فقط هو محمد العوفي، عاد وسلم نفسه طوعا بعدما التحق بـ «القاعدة» في اليمن.

ويضم المركز الذي بدأ عمله مطلع العام 2006 خبراء نفسيون، وتتلخص مقاربته في إقناع نزلائه بأن التحاقهم بـ «الجهاد» على هذا النحو يعني أنهم رفضوا المجتمع السعودي وعائلتهم والدولة التي ينتمون إليها.

ولإعادتهم إلى حضن الدولة والمجتمع، يؤمن البرنامج تسهيلات مالية واجتماعية سخية. وقال الطبيب النفسي الرئيسي في المركز تركي العطيان «نقول لهم إنها ليست مسئوليتهم أن يقرروا (...) نقول لهم من هو المسئول عن إصدار الفتاوى».

من جانبه، يرى الباحث كريستوفر بوتشك من «مركز كارنيغي فور انترناشونال بيس» في واشنطن، والذي قام بدراسات عن المركز، إن «هناك الكثير في المدرسة الوهابية حول الطاعة والتسليم بالسلطة».

وهذا الجانب هو من أول الأمور التي تطرح على النزلاء في المركز.

فالعائدون من غوانتنامو يعاملون بلطف إذ تتم معانقتهم وتغذيتهم بشكل جيد في المركز، كما تتاح لهم فرصة مقابلة الأمير محمد بن نايف على انفراد.

ويسمح لهم كذلك بتمضية أسبوعهم الأول بعد عودتهم من غوانتنامو مع عائلاتهم.

ومن أبرز أهداف المركز هو تزويج النزيل لتحميله مسئوليات عائلية وثنيه عن السياسة.

ويمنح الذين انهوا البرنامج المال من أجل الزواج ومنزلا يقيمون فيه، كما يحصل أبناؤهم على دعم مالي.

وقال مسئول أمني من جهته أن النزيل بعد أن ينهي البرنامج «عليه أن يعيش في إطار العائلة والقبيلة حيث الرقابة الاجتماعية القوية».

ويقع المركز خلف جدار طوله ثلاثة أمتار في إحدى ضواحي الرياض، وبالقرب من حدائق للعائلات وحلبات لسيارات الكارتينغ.

ويقسم المركز إلى عدة «منتجعات»، وهو يضم غرف نوم ومطبخا وقاعات للحصص الدراسية وخيمة مخصصة للاجتماعات والصلاة.

كما رسم على أحد مباني المركز شجرة خضراء تحمل توقيع الأمير محمد. ووسائل الترفيه متوافرة للنزلاء خلال الأشهر الـ 12 التي يمضونها في المركز، فهناك مسبح وناد رياضي وطاولة بيلياردو وألعاب بلايستايشن فضلا عن ملعب للكرة الطائرة.

ويحظى النزلاء بحصص لدراسة الفنون يعطيها أخصائي في العلاج بالفن. وقال العطيان «لا نقوم بغسل دماغ سلبي بل بغسل دماغ إيجابي».

ويثني المسئولون الأمنيون الأجانب على المقاربة الرائدة للمركز مشيرين في الوقت عينه إلى عدم إمكانية تطبيق هذه المقاربة على ناشطين في دول أخرى.

يذكر أن المركز مخصص فقط للناشطين الأقل عنفا، فهناك 1500 ناشط في السجون والحكومة تؤكد أن أي شخص «على يده دماء» لن يتم الإفراج عنه.

العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً