نعمة هابطة من السماء أن تعين في مجلس من دون أن تحرك ساكنا، وتتمتع بمنافع وامتيازات أنت في غنى عنها، وخصوصا إذا ما ولدت وفي فمك ملعقة من بلاتين! عدد أعضاء مجلس الشورى الذين لم يحركوا ساكنا، ولم يفتحوا فمهم بـ "لا" أو "نعم" في الأدوار الثلاثة المنتهية، 14 عضوا، فيما الذين حركوا ساكنا، أو فتحوا فمهم لمرة واحدة 6 أعضاء، والذين حركوا أو فتحوا فمهم لمرتين 7 أعضاء، كل ذلك من أصل 40 عضوا! فاضل كثيرون بين أداء المجلسين، وذهبت بعض المفاضلات لصالح مجلس الشورى من باب النكاية بأعضاء مجلس النواب المنتخبين، الذين كشف أداؤهم عن حكومية أكثر من الحكومة، وخصوصا الذين يتمترسون وراء أسماء وواجهات لا تعبر تعبيرا حقيقيا عن أدائها، لتكتشف - مثلا - أن لا استقلالية حتى في البسملة التي تسبق تقديم الاقتراح! لا مجلس الشورى ولا النواب، ولا الأعيان - مستقبلا - قادرون على أداء أدوارهم كما يجب، في ظل خلل ينتاب ما قبل الممارسة الديمقراطية وما بعدها، وللشعور بجزئية الاستقلالية في الرأي والقرار، ومثل ذلك الشعور يدفع الأعضاء الى مجاراة الحكومة، بدلا من مواجهتها أو حتى مناورتها. بالرجوع الى أداء أعضاء مجلس النواب نقف على البعض ممن فتح فمه مرة واحدة: عضوان، ولمرتين: عضوان، ولثلاث مرات: معظم أعضاء المجلس، والذين لم يتجرأوا على استجواب الوزراء: 10 أعضاء، مقابل 12 عضوا لم يؤذن لهم بالاستجواب! هل نتحدث عن مجالس من المفترض أن تكون في خدمة الشعب، أم عن أندية لكبار المنتفعين، والذين هم على استعداد لأن يبقوا أفواههم مطبقة طالما أن النعم تهبط عليهم من السماء؟
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1127 - الخميس 06 أكتوبر 2005م الموافق 03 رمضان 1426هـ